يشهد ريف محافظة طرطوس موجة هجرة متزايدة للشباب من قراهم بحثًا عن فرص عمل وحياة كريمة. ويعزو السكان المحليون هذا التحول إلى غياب الحلول الاقتصادية الفعالة، ما دفع العديد من العائلات إلى التفكير جديًا في ترك منازلهم وأراضيهم.
ارتفاع الجريمة نتيجة اليأس الاقتصادي
أكد عبد الله العلي في حديث لمنصة سوريا 24 أن “البطالة منتشرة بشكل كبير جدًا”، مشيرًا إلى أن هذا الواقع دفع بعض الأفراد إلى ارتكاب جرائم سرقة، خصوصًا سرقة الدراجات النارية، والتي باتت تتم أحيانًا “في وضح النهار تحت تهديد السلاح من قبل أشخاص مجهولين”.
ويعكس هذا التصاعد في الجرائم مدى اليأس الذي وصل إليه بعض الشباب في ظل غياب أي منفذ اقتصادي أو اجتماعي، حسب تعبيره.
رواتب لا تكفي وغلاء يثقل كاهل الأسر
وأوضح العلي أن “الحالة المعيشية تستقيم حين تُصرف الرواتب لجميع الموظفين”، لكن حتى ذلك لم يعد كافيًا لتغطية نفقات الحياة اليومية، فمصروف العائلة الواحدة، وفق قوله، “يبلغ حوالي خمسين إلى ثمانين ألف ليرة يوميًا”، وهو مبلغ يفوق بكثير ما يمكن أن يحققه الفرد من عمل إن وُجد.
الهجرة ليست إلى المدن بل إلى لبنان
وأشار العلي إلى أن وجهة الهجرة لم تعد المدن السورية، نظرًا لغلاء الإيجارات وندرة فرص العمل فيها، بل باتت تتجه نحو لبنان المجاور.
وقال: “الهجرة ليست نحو المدينة، الهجرة إلى لبنان لأن المدينة فيها غلاء في أسعار إيجار البيوت والعمل فيها قليل بطبيعة الحال”.
من هجرة أمنية إلى هجرة اقتصادية
وأوضح العلي أن طبيعة الهجرة تغيرت جذريًا عما كانت عليه بعد “التحرير”، حين كان الدافع أمنيًا ومرتبطًا بأشخاص “متورطين بدماء وضرر الناس”، أما اليوم، فالسبب بات اقتصاديًا صرفًا: “هلق الهجرة بسبب لقمة العيش”.
قصة شخصية: أب يُجبر على الرحيل
ويجسد عبد الله العلي نفسه هذا الواقع، إذ يقول: “أنا واحد منهم، وسأرحل قريبًا إلى لبنان”، مبررًا قراره بوجود “ابنتين في الجامعة وطفل يعاني إعاقة”، مضيفًا “هنا لا يوجد عمل، وقد ضاع الأمل، ولم يعد هناك مجال”.
ويعبر عن خشيته من أن “الناس ستهجر أراضيها ومصالحها” إذا لم تُقدَّم حلول عاجلة.
مطالب بقروض تنموية حقيقية
من جهته، دعا حيان الأحمد في حديث لمنصة سوريا 24 الجهات المسؤولة
إلى “إعادة الموظفين إلى أعمالهم ومنح قروض تنموية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة”، مشيرًا إلى أن القروض الحالية “بسيطة” ولا تجدي نفعًا.
وقال: “بالنسبة لي عشرون مليون ليرة كافية ولا تجبرني على الحاجة إلى السفر”، موضحًا أن هذا المبلغ لا يكفي لبدء مشروع حقيقي يسهم في تأمين دخل مستدام.
مجتمع ريفي على حافة الانهيار
ما يجري في ريف طرطوس ليس استثناء، بل مؤشر على أزمة اقتصادية واجتماعية أوسع تطال الريف السوري ككل.
فغياب فرص العمل، وتدني الرواتب، وارتفاع تكاليف المعيشة، دفع الشباب إلى خيار الهجرة كوسيلة وحيدة للنجاة، مهددًا باستنزاف الريف من طاقاته البشرية ومستقبله الزراعي والاقتصادي.