رغم مرور ما يقارب ثلاثة أسابيع على انطلاق العام الدراسي الجديد، ما تزال مدارس مدينة عندان والبلدات المجاورة في ريف حلب الشمالي تعاني أوضاعًا تعليمية وخدمية صعبة، حيث لم تُستكمل عمليات تكليف الكوادر التدريسية، ولم تُجهز المدارس بما يلزم لاستقبال الطلاب، ما انعكس سلبًا على العملية التعليمية وأخّر انطلاقها الفعلي.
يقول عمر ليلى، مدير إحدى مدارس عندان، في تصريح خاص لـ”سوريا 24”، إن “إحدى المدارس تضم نحو 400 طالب، في حين لا يعمل فيها سوى مدير المدرسة وأمين السر فقط، دون وجود معلمين فعليين”، مشيرًا إلى أن هذه الحالة تتكرر في معظم مدارس المدينة والقرى المحيطة.
يوضح ليلى أن العديد من المعلمين قدموا منذ أشهر طلبات نقل إلى مدارس عندان، إلا أن مديرية التربية لم تصدر قرارات التكليف حتى الآن، رغم النقص الكبير في الكوادر.
ويضيف أن بعض المعلمين المفصولين سابقًا وضعوا أنفسهم تحت تصرف المديرية، لكنهم لم يُكلفوا أيضًا، ما اضطر كثيرين إلى العودة إلى مدارس بعيدة أو داخل المخيمات في ظروف معيشية صعبة.
حتى اللحظة، لا توجد سوى مدرستين جاهزتين لاستقبال الطلاب في عندان، بينما تحتاج بقية المدارس إلى ترميم وصيانة عاجلة، كما تعاني المدارس من نقص حاد في الكتب والمقاعد والوسائل التعليمية، إذ لم تصل الكتب الدراسية حتى الأسبوع الثالث من العام الدراسي.
ويصف ليلى الوضع بأنه “كارثي بكل المقاييس”، موضحًا أن بعض الصفوف بلا مقاعد كافية، ومدارس أخرى تفتقر حتى إلى الأبواب والنوافذ، في وقت تتجاهل فيه الجهات المسؤولة النداءات المتكررة من الأهالي والمعلمين.
لم يتم بعد إحداث المجمع التربوي الخاص بعندان والمناطق المحيطة بها، ما يجعل التنسيق بين المدارس ومديرية التربية أمرًا معقدًا، إذ يضطر المعلمون إلى السفر إلى مدينة حلب لإنجاز معاملات بسيطة، مما يزيد الأعباء المادية والزمنية عليهم.
من جهته، قال سليم، وهو معلم من بلدة كفرحمرة، في حديثه لـ”سوريا 24”: إن “الأوضاع في مدارسنا لا تختلف كثيرًا عن عندان، فعدد المعلمين قليل جدًا، وبعض المدارس تعتمد على متطوعين غير مؤهلين لسد النقص، حتى الكتب لم تصل بعد، والطلاب يضطرون إلى نسخ الدروس من هواتف ذويهم”.
وأشار الحمود إلى أن غياب التنسيق بين مديريات التربية والمنظمات الداعمة للتعليم جعل العام الدراسي يبدأ بشكل فوضوي، محذرًا من أن استمرار هذا الواقع قد يدفع بعض الطلاب إلى ترك الدراسة.
يطالب المعلمون والأهالي بضرورة تفعيل المجمع التربوي بأسرع وقت ممكن، وتنظيم حركة النقل والتكليف، وتأمين الكتب والمستلزمات الدراسية، بما يضمن انطلاق العملية التعليمية فعليًا بعد مرور أكثر من نصف شهر دون تعليم فعلي.
كما يدعو الأهالي إلى تدخل فوري من الجهات الداعمة والمنظمات التعليمية لإعادة تأهيل المدارس وصيانتها، وتأمين رواتب وحوافز للكوادر التعليمية، للحد من تراجع القطاع التربوي في المنطقة.
وكانت منصة “سوريا 24” قد نشرت في وقت سابق تقريرًا مفصلًا مع انطلاق العام الدراسي الجديد بعنوان: عندان.. عام دراسي جديد بمدرسة وحيدة مكتظة بالطلاب
كشف التقرير حينها أن المدينة لا تملك سوى مدرسة واحدة مؤهلة، تستقبل أكثر من 800 طالب على فوجين صباحي ومسائي، وسط اكتظاظ شديد ونقص حاد في المقاعد والمعلمين.
اليوم، وبعد مرور أسابيع على بدء العام الدراسي، تؤكد المعطيات الجديدة أن الأزمة لم تتغير، بل ازدادت سوءًا، ما يجعل مستقبل التعليم في عندان ومحيطها على المحك، ما لم تتخذ الجهات المعنية خطوات جدية وعاجلة لمعالجة الخلل المتفاقم.