أكد وزير الخارجية السوري الدكتور أسعد الشيباني، خلال زيارته الرسمية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، أن سوريا حريصة على بناء علاقات متينة مع الجمهورية اللبنانية، تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، بعيداً عن أي تدخل في الشؤون الداخلية.
جاء ذلك خلال لقائه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون في قصر بعبدا، بحضور وزير العدل السوري الدكتور مظهر الويس، ووفد رسمي رفيع المستوى، حيث شدد الطرفان على أهمية تفعيل الشراكة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، لا سيما السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يعزز الاستقرار الإقليمي ويخدم مصالح الشعبين.
وأشار الرئيس اللبناني إلى أن بيروت تثمّن العلاقات التاريخية مع دمشق، وتعتبر أن تعزيزها يمرّ عبر قنوات رسمية واضحة، ولجان عمل مشتركة تبحث في الملفات العالقة، ومن أبرزها الاتفاقيات الثنائية التي تحتاج إلى تقييم شامل بما يواكب تطورات المرحلة.
كما شدد الرئيس عون على أهمية إعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بشكل عملي، في ظل قرار دمشق تعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني السوري، لافتاً إلى أن التواصل عبر السفارات يشكل الإطار الطبيعي لمتابعة مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وفي موقف لافت، قال عون: “متى توفرت النوايا الصافية، فإن مصلحة الشعبين في سوريا ولبنان تعلو فوق كل الاعتبارات، والتعاون بيننا ليس خياراً، بل ضرورة تمليها الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك”.
وحول القضايا الإقليمية، لفت الرئيس اللبناني إلى تحسّن الأوضاع الأمنية على الحدود، مؤكداً أن معالجة الملفات الحساسة، مثل ترسيم الحدود، وخط الغاز، وقضية الموقوفين، يجب أن تُبنى على قاعدة المصالح المشتركة والحوار الهادئ، مشيراً إلى تنسيقه السابق في هذا الشأن مع الرئيس السوري الدكتور أحمد الشرع خلال اجتماعين في القاهرة والدوحة.
من جهته، نقل الوزير الشيباني تحيات القيادة السورية إلى الرئيس اللبناني، مؤكداً أن دمشق منفتحة على التعاون البنّاء مع بيروت، وجاهزة لمناقشة أي ملف عالق، سواء كان اقتصادياً أم أمنياً، في إطار الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة. وأضاف: “سوريا تمدّ يدها لكل من يريد السلام الحقيقي. لقد دفعت شعوبنا ثمناً باهظاً في العقود الماضية، وحان الوقت لبناء مستقبل مختلف يقوم على التنمية لا على الصراعات”.
وقد رافق الوزير الشيباني في زيارته وفد رسمي سوري رفيع المستوى ضم وزير العدل الدكتور مظهر الويس، ورئيس جهاز الاستخبارات اللواء حسين السلامة، ومساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبدالقادر طحان، إلى جانب عدد من كبار مسؤولي وزارتي الخارجية والداخلية، من بينهم مدير إدارة الشؤون العربية الدكتور محمد الأحمد، ومدير الإدارة القنصلية محمد العمر، ومدير الشؤون القانونية العميد سامر الحسين، إضافة إلى رئيس مكتب وزير الخارجية عبادة دياب.
وجدد الوزير السوري خلال اللقاء دعوة الرئيس الدكتور أحمد الشرع لنظيره اللبناني لزيارة دمشق، مؤكداً أن “الشعبين السوري واللبناني يتشاركان في الهمّ والتاريخ والأمل، وأن هذه العلاقات يجب أن تُبنى على أساس الأخوّة والتكامل”.
وقد شملت الزيارة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، من بينهم رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام، بالإضافة إلى اجتماعات أمنية بين القادة الأمنيين من الجانبين، حيث جرى بحث ملفات التعاون الحدودي، وضبط المعابر، ومكافحة التهريب.
واختتم الوزير الشيباني زيارته بكلمة ألقاها من وزارة الخارجية اللبنانية، قال فيها: “ثمة فرصة سياسية واقتصادية حقيقية يجب ألا تُهدر. تجاوزنا مرحلة كانت فيها العلاقات تعاني من تشويه متعمد. اليوم نمد أيدينا لشراكة قائمة على الاحترام والسيادة والتكامل”.
