تتصاعد الشكاوى من موجة الغلاء في مدينة حمص وريفها بشكل غير مسبوق، والتي بدأت تثير حالة من السخط بين المواطنين الذين يجدون أنفسهم أمام ارتفاعات غير مبررة في أسعار السلع والخدمات، وسط غياب واضح لدور الجهات الرقابية المسؤولة عن ضبط الأسواق وتنظيمها.
الغلاء يضرب المواد الغذائية والعقارات
ويقول سكان محليون إن الأسواق تشهد انفلاتاً واسعاً في الأسعار شمل المواد الغذائية والإيجارات وحتى الأراضي والعقارات، في وقت تعاني الغالبية من ضعف القدرة الشرائية وانعدام التوازن بين الدخل وتكاليف المعيشة اليومية.
وفي هذا السياق، أوضح محمود الجدوع في حديث لمنصة سوريا 24 أن ما يجري في حمص وريفها لا يمكن وصفه إلا بـ”جشع التجار وجشع الناس بشكل عام”، مشيراً إلى أن الأسعار تُرفع بشكل عشوائي دون أي مبررات اقتصادية واضحة.
وقال الجدوع: “باتت الإيجارات ترتفع بشكل غير منطقي، فالمحال التجارية التي كانت تُؤجر بمئتي دولار أصبحت اليوم بألف دولار، والمنازل التي كانت بخمسين دولاراً صارت بمئتي دولار، أما الأراضي فالمتر الذي كان بعشرة دولارات وصل إلى خمسين دولاراً، دون أن نعرف ما الذي تغيّر فعلاً”، مضيفاً أن الجهات المعنية عاجزة عن ضبط هذا الانفلات.
مضاربات تجارية
وأشار الجدوع إلى أن ما يحدث هو نوع من “المضاربات التجارية” التي يشارك فيها بعض التجار لرفع الأسعار بشكل مصطنع، مستغلين غياب الرقابة الحكومية وضعف مؤسسات التموين.
وطالب بتفعيل دور دائرة التموين بشكل أكبر لضبط الأسواق، ومراقبة الأسعار في المحال التجارية والمطاعم، خاصة بعد أن أصبحت المواد الغذائية في متناول فئة محدودة فقط من المواطنين.
مظاهر الغلاء ليست عامة
من جهته، قدّم إبراهيم الياسين وجهة نظر مغايرة نسبياً، إذ رأى أن بعض مظاهر الغلاء ليست عامة، قائلاً إن “أسعار الخضراوات ارتفعت فعلاً، لكن كثيراً من المواد الغذائية ما تزال في حدود مقبولة نسبياً”.
وأضاف أن “حركة الأسواق في حمص ليست ميتة كما يظن البعض، فهناك فرص عمل متوسطة الدخل تصل إلى نحو 300 دولار شهرياً، والنقل متوفر، والمواد الغذائية موجودة في الأسواق، وإن كانت الرقابة عليها ضعيفة أحياناً، ما يسمح للبعض بالاحتكار أو التلاعب بالأسعار”.
وتابع ياسين أن “حالة الانفلات الأمني المحدودة في بعض الأحياء، خصوصاً تلك التي كانت حاضنة سابقة للنظام، تسببت في بعض الفوضى داخل الأسواق”، مشيراً إلى أن ما يجري في بعض المناطق “يبدو أشبه بتصفية حسابات اقتصادية واجتماعية بين أطراف مختلفة”.
أزمة السكن من أبرز معاناة المواطن اليومية
وفيما يخص أزمة السكن التي تفاقمت مؤخراً، يرى ياسين أن ارتفاع الإيجارات “طبيعي” نتيجة لزيادة الطلب عقب عمليات التحرير وعودة السكان إلى المدينة، في ظل نقص كبير في المنازل الصالحة للسكن، وهو ما جعل من السكن أزمة إضافية تُضاف إلى معاناة المواطنين اليومية.
ويحذر عدد من الأهالي، حسب الجدوع، من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يزيد من الاحتقان الشعبي، ويعمّق أزمة الثقة بين المواطنين والجهات المسؤولة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة تحدّ من الغلاء وتضع حداً للفوضى في الأسواق.