في مشهد يعكس إصرار معلمي وأهالي مدينة جرجناز بريف إدلب الجنوبي على مواصلة التعليم وسط ظروف صعبة، يحاول الأهالي والكادر التعليمي مواصلة التعليم وفق الإمكانيات المتاحة، إذ تُضطر معلمات ومعلمو المدارس في مدينة جرجناز إلى تقديم ما تيسر من العلم لعشرات الطالبات داخل غرف خالية من المقاعد والمستلزمات الأساسية.
تقول دراين، إحدى المعلمات في مدرسة القدس، لـ”سوريا 24” واصفة الواقع الصعب في مدرستها: “لا توجد لدينا سبورات ولا مقاعد، الباب مقسوم إلى ثلاث قطع ومرمم بقطع من الفايبر، نضطر إلى الكتابة عليه حسب الإمكانات المتاحة. نكتب على الباب لنتمكن من إيصال ولو جزء بسيط من المعلومات للطلاب، فالمساحة لا تكفي لشرح الدروس كاملة كما يجب”.
وتوضح المعلمة أن المدرسة التي تعمل فيها ليست استثناء، إذ تشهد مدارس القدس وهارون الرشيد والقادسية في البلدة أوضاعًا متقاربة. وتضيف: “مدرسة القادسية وضعها أفضل قليلًا، فبها مقاعد وسبورات، والدراسة فيها تسير بشكل شبه نظامي، أما في مدرستنا ومدرسة هارون الرشيد، فالوضع بالغ الصعوبة، وحتى الآن لا توجد أي خطوات ملموسة على أرض الواقع، فكل ما نسمعه وعود بأن الدعم سيأتي قريبًا”.
وتشير المعلمة إلى أن عدد الطالبات في صف واحد يصل إلى نحو 58 طالبة، ما يجعل من الصعب إيصال المعلومات أو ضبط الصفوف، مضيفة: “هناك خمسون طالبة في صف واحد ودون مقاعد أو سبورات، وهذا تحد كبير بالنسبة لنا”.
من جانبها، أكدت مديرة المدرسة أن الإقبال على المدرسة كبير رغم صعوبة الظروف، وقالت: “المدرسة فيها فوجان، الأول للإناث ويضم حوالي 500 طالبة، والفوج الثاني للذكور بعدد يقارب 500 طالب، ومع ذلك لا توجد تجهيزات كافية، لا سبورات ولا مقاعد، ومعظم الصفوف بحاجة إلى ترميم”.
وتوضح المديرة أن الكادر التعليمي يعمل بإمكانات محدودة جدًا، وأن المدرسة تعتمد على المبادرات الفردية والمعلمين المتطوعين لاستمرار العملية التعليمية، مؤكدة أن الطلاب “يتعلمون في بيئة لا تليق بحقهم في التعليم”.
أما أبو أحمد، وهو أحد أهالي المدينة، فيقول إن أبناءه يدرسون في المدرسة نفسها، وإن الوضع يثير قلق الأهالي جميعًا: “نحن نخاف على أولادنا، بس ما في خيار تاني. المدرسة قريبة وما في مدارس بديلة، وكلنا نعرف الوضع الصعب اللي فيه المدارس. لازم المنظمات والمعنيين يشوفوا هالواقع لأن أولادنا عم يدرسوا بظروف ما بتصلح للتعليم”.
ورغم الوعود التي تتحدث عنها الجهات المحلية بتحسين أوضاع المدارس وتوفير المستلزمات التعليمية، إلا أن شيئًا ملموسًا لم يظهر حتى الآن، بحسب شهادات الأهالي والمعلمين، الذين يخشون من أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى تراجع جودة التعليم وازدياد التسرب المدرسي.
في جرجناز، كما في كثير من بلدات إدلب، لا تزال أبواب الصفوف تقوم مقام السبورات، والطلاب يتشبثون بحلم التعلم رغم برد الجدران الفارغة، في انتظار دعم يعيد للمدارس شيئًا من مقوماتها الأساسية.