يُعدّ توثيق الانتهاكات خطوة جوهرية في طريق تحقيق العدالة وكشف الحقيقة، خاصة في المجتمعات التي عانت من الحروب والاستبداد. فالتوثيق ليس مجرد تسجيل للأحداث، بل هو حفظ للذاكرة الجمعية ومنح للضحايا صوتًا وشهادةً حيةً تضع أسس المساءلة والمحاسبة
لذلك أطلقت مؤسسة “حقي” بالتعاون مع المجلس العربي وموقع “زمان الوصل” مشروعًا جديدًا تحت عنوان “نداء من أجل العدالة والمساءلة – لا تدعي قصتك تُنسى… حان وقت التوثيق”، يهدف إلى توثيق الانتهاكات التي تعرضت لها النساء السوريات خلال فترة حكم نظام الأسد في دمشق وريفها، في خطوة تهدف إلى دعم جهود العدالة والمحاسبة وكشف الحقيقة.
المحامية والصحفية نور عويس، الباحثة القانونية في المجلس العربي ومنسقة المشروع في مؤسسة “حقي”، أوضحت أن المبادرة تأتي استكمالًا لجهود سابقة في جمع الشهادات النسائية وتوثيق الانتهاكات بحقهن، مشيرة إلى أن المشروع يركّز على بناء ملفات توثيقية متكاملة يمكن أن تشكل ركيزة في مسار العدالة الانتقالية في سوريا.
تضيف عويس “من خلال جمع الشهادات والوقائع الموثقة، يمكن بناء ملفات قانونية قوية تُسهم في منع الإفلات من العقاب وتمهّد لعدالة انتقالية تُنصف الضحايا وتعيد الثقة بالقيم الإنسانية”.
في الحالة السورية، التي شهدت انتهاكات واسعة بحق النساء على وجه الخصوص، يصبح التوثيق أداة لا غنى عنها لإرساء العدالة وكشف حجم المعاناة التي طالت آلاف النساء السوريات، وتمكين أصواتهن من أن تكون جزءًا فاعلًا في مسار الحقيقة والمساءلة.
من جانبه، أكد مدير مكتب دمشق في مؤسسة “حقي”، علي عبد الحميد الزير، أن الهدف من المشروع هو رفع صوت النساء وإتاحة مساحة آمنة لهنّ لرواية قصصهنّ ومعاناتهنّ، مضيفًا أن الفريق المختص سيتولى تسجيل الشهادات بشكل مهني يحترم خصوصية الضحايا وسلامتهنّ، لضمان أن تصل أصواتهن بأعلى درجات المصداقية.
ويؤكد القائمون على المشروع أن الخصوصية والسلامة الشخصية للمشاركات تشكل أولوية مطلقة، لافتين إلى أن جميع المعلومات والبيانات سيتم التعامل معها بسرية تامة. كما سيجري توثيق القصص بطريقة إعلامية ومهنية تسلط الضوء على الأبعاد الإنسانية والقانونية للانتهاكات.
المبادرة تسعى كذلك إلى تعزيز مفهوم العدالة الانتقالية من خلال كشف الحقيقة وكتابة السرديات النسائية ونشرها، انطلاقًا من قناعة المؤسسة بأن “العدالة تبدأ من الشهادة”.
يمكن للسيدات اللواتي تعرضن لأي نوع من الانتهاكات التواصل مع مؤسسة “حقي” للمشاركة في التوثيق عبر البريد الإلكتروني: [email protected].
تختم مؤسسة “حقي” عبر منصة سوريا 24 ندائها بالقول: “لا تدعي قصتك تُنسى… لأن العدالة تبدأ من شهادتك”.