آلاف الألغام تنتشر في البادية السورية وتهدد السكان المحليين

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص سوريا 24

تشكل الألغام المنتشرة في البادية السورية، ولا سيما في ريف حمص الشرقي ومنطقة السخنة، أحد أبرز التحديات الإنسانية والأمنية التي تواجه سكان المنطقة منذ سنوات.

فمع كل موسم للكمأة أو الرعي، تتجدد المآسي نتيجة انفجار الألغام المزروعة في مساحات شاسعة من الصحراء التي كانت مسرحًا لمعارك متتالية بين أطراف متعددة خلال سنوات الحرب.

ولا تزال البادية، الممتدة على مساحة تقارب ثلث مساحة سوريا، تعج بمخلفات الحرب من ألغام وعبوات ناسفة وقذائف غير منفجرة، ما يجعلها من أخطر المناطق على المدنيين، خصوصًا الفلاحين والرعاة والعاملين في جمع الكمأة.

انتشار معقد ومتعدد المصادر
وأوضح رائد الحسون، مسؤول عمليات مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري، في حديث لمنصة سوريا 24 أن انتشار الألغام في البادية السورية معقد جدًا، مشيرًا إلى أن ذلك يُلمس بوضوح من خلال ارتفاع عدد الإصابات والضحايا الناتجين عن انفجار الألغام، سواء خلال موسم الكمأة أو أثناء الرعي أو حتى في أوقات أخرى.

وقال الحسون: “المشكلة في البادية السورية أنها شهدت تعاقب عدد من الجيوش وتنقل فصائل متعددة، ودارت فيها معارك كثيرة على مدى سنوات، مما أدى إلى تناثر أنواع مختلفة من الألغام والمخلفات في مناطق واسعة، بعضها غير موثق أو معلوم المواقع بدقة”.

وأضاف أن هذا الواقع يجعل من مهمة تحديد أماكن الألغام أو التنبؤ بوجودها أمرًا شديد الصعوبة، لا سيما في مناطق لم تُسجل فيها اشتباكات حديثة، ولكنها تحتوي على مخلفات قديمة من مراحل مختلفة من الصراع.

جهود محدودة في ظل تعقيدات ميدانية
وحول الجهود المبذولة لتطهير المنطقة، أوضح الحسون أن بعض فرق الهندسة العسكرية قامت بالتعامل مع حقول ألغام محددة في البادية، إلا أن “الوضع لا يزال معقدًا جدًا” بسبب اتساع المساحة الجغرافية وغياب الخرائط الموثوقة التي تحدد مواقع الألغام بدقة.

وأشار إلى أن فرقهم “تعمل حاليًا على تنسيق الجهود لإرسال فرق متخصصة للكشف عن الألغام وتحديد مواقع حقولها تمهيدًا لتفكيكها”، موضحًا أن ذلك يتطلب معدات متقدمة ودعمًا لوجستيًا وتقنيًا لا يتوفر دائمًا بالقدر الكافي.

وبحسب تقديرات غير رسمية، يُعتقد أن الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة لا تزال منتشرة في البادية الممتدة بين ريف حمص الشرقي ودير الزور وصولًا إلى تدمر والسخنة، ما يجعلها من أخطر المناطق في سوريا من حيث كثافة الألغام.

تهديد يومي للفلاحين والرعاة
وتعد الألغام المزروعة كابوسًا يوميًا للفلاحين وسكان الريف الشرقي، إذ تقيد قدرتهم على الزراعة أو الرعي أو حتى التنقل بأمان بين القرى.

كما أن موسم جمع الكمأة، الذي يشكل مصدر رزق أساسيًا لعشرات العائلات، تحول إلى مغامرة محفوفة بالموت، بعد أن فقد كثيرون حياتهم أو أصيبوا أثناء البحث عنها في مناطق ملوثة بالألغام.

ويقول ناشطون محليون إن العديد من الأسر باتت تمتنع عن الذهاب إلى مناطق البادية رغم الحاجة الاقتصادية، فيما يضطر آخرون إلى المجازفة نتيجة غياب البدائل، في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تشهدها المنطقة.

خطر مستمر يحتاج إلى دعم دولي
ويختتم الحسون حديثه بالتأكيد على أن “التعامل مع الألغام في البادية السورية مسألة إنسانية عاجلة، فكل يوم يمر دون معالجة هذا الملف، يعني مزيدًا من الضحايا الأبرياء”، داعيًا إلى تكاتف الجهود المحلية والدولية لضمان أمن السكان وحماية أرواحهم.

ويرى سكان منطقة البادية أن التعامل مع ملف البادية السورية يتطلب دعمًا دوليًا ومنظمًا، إذ إن حجم التلوث بالألغام يتجاوز قدرة الفرق المحلية على معالجته منفردة.

360 ألف لغم
تعد منطقة تدمر والبادية السورية شرقي حمص من أكثر المناطق تضررًا من الألغام، حيث تحتوي على ما يقارب 360 ألف لغم، وفقًا لزاهر السليم، عضو اللجنة المدنية في تدمر.

وتقوم الفرقة (42) التابعة لوزارة الدفاع حاليًا بجهود التطهير، إلا أن هذه الألغام أسفرت حتى الآن عن مقتل ثلاث فرق متخصصة في إزالة الألغام في المنطقة.

وأوضح السليم في حديث لمنصة سوريا 24 أن التحديات الرئيسية تتمثل في هجرة معظم سكان البادية بسبب الانتشار الواسع للألغام، مما أثر سلبًا على الثروة الحيوانية والمراعي والزراعة بشكل عام.

وأضاف أنه تم التواصل مع عدة جمعيات ومنظمات أممية للمساعدة، ولكن “مع الأسف لم تكن سوى وعود دون تنفيذ على أرض الواقع”، مشيرًا إلى أن آخر المنظمات التي عملت في الميدان هي جمعية الشعوب النرويجية والصليب الأحمر الدولي.

وشدد على أن المنطقة في حاجة ماسة إلى آليات متطورة لكشف الألغام وإزالتها (كاسحات ألغام) لمعالجة هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.

كما يشير الأهالي في المنطقة إلى ضرورة تفعيل حملات توعية للسكان حول مخاطر الألغام وأساليب الوقاية، بالتوازي مع توسيع نطاق عمليات المسح الميداني التي تمهد لمرحلة التطهير الكامل

.

مقالات ذات صلة