مع اندلاع الثورة السورية وما أعقبها من نزوح واضطرابات، واجه آلاف السوريين تحديات جسيمة في الحفاظ على حياتهم ومهنهم. ومن بين هؤلاء يبرز عيسى العلي، نازح من دير الزور إلى مدينة الرقة، الذي وجد في صيد السمك من نهر الفرات طريقًا للاستمرار والصمود رغم كل الصعوبات.
نزح عيسى قبل ثماني سنوات من مدينته الأصلية بحثًا عن الأمان واستقرار الحياة. ومع كل شبكة ينصبها في مياه الفرات، لا يقتصر دوره على صيد السمك فقط، بل يحمل أيضًا إرث أجداده ومهارة ورثها عن أسرته منذ الصغر. ويقول عيسى: “مصدر رزقي منذ النزوح هو صيد السمك من نهر الفرات، الذي نبيعه في الأسواق الشعبية.” ويضيف: “تعلمناها من دير الزور، وهي الوحيدة التي نعرفها.”
هذه الكلمات تؤكد أن المهارة التي يمتلكها ليست مجرد وسيلة للكسب، بل جزء من تاريخ عائلي وحكاية أجيال.
ومع ذلك، تواجهه المهنة تحديات كبيرة. يوضح: “مهنتنا فيها تعب وسهر ومشقة ومخاطر، لكن ليس لدينا غيرها كمصدر دخل.” يعيش في ظروف صعبة، حيث يفتقر إلى قارب خاص به، ويضطر إلى استئجار القوارب مع صيادين آخرين، بينما شباكه مهترئة، لكن بالنسبة له، هذا أفضل من العدم.
وتزداد صعوبات العمل في فصل الصيف، إذ يضطر إلى شراء الثلج للحفاظ على السمك بسبب نقص وسائل التبريد، ويشير إلى أن البنية التحتية المحدودة تزيد من صعوبة المهنة.
رغم كل هذه الصعوبات، يبقى ارتباطه بالمهنة وبتقاليد الصيد قويًا، مشددًا: “تعلّمنا صيد السمك منذ الصغر من أهلنا في الميادين، وهي مصدر دخلنا الوحيد.”
وفي الوقت نفسه، يعبر عن أمله في مستقبل أفضل لوطنه: “نتمنى أن تتعمر بلادنا وتعود الحياة إلى القرى لنعود ونمارس مهنتنا التي ورثناها عن أهلنا.”
قصته تمثّل نموذجًا للصمود والتمسك بالتراث المهني وسط النزوح والظروف القاسية التي فرضتها الثورة السورية، حيث تتحوّل المهارة التقليدية إلى رمز للبقاء والعزيمة، وتجسّد إرادة الإنسان في مواجهة التحديات اليومية والبحث عن حياة كريمة.
 
  
  
 
 
			 
 
															







