كشف رئيس المجلس المحلي في مدينة عفرين، محمد شيخ رشيد، في تصريحات خاصة لـ”سوريا 24″، عن تفاصيل الواقع الخدمي والأمني والإداري في المدينة وريفها بعد سنوات من التحرير، مؤكدًا أن العمل جارٍ على استرداد الحقوق، وإنهاء حالات الاستيلاء، ومعالجة تراكمات الحرب والنزوح، وسط تعاون كبير بين المؤسسات الرسمية والأهالي.
عودة 20 ألف عائلة إلى عفرين
أعلن شيخ رشيد عن عودة نحو 20 ألف عائلة فعليًا إلى مناطقها في مدينة عفرين وريفها منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، مشيرًا إلى أن نسبة السكان المقيمين حاليًا تبلغ حوالي 60%، بينما 40% من السكان لا يزالون مهجرين، بعضهم في مخيمات، والبعض الآخر يشغل منازل تعود ملكيتها لأهالي مهجرين.
وأضاف أن بعض العائلات تعود فقط خلال موسم الزيتون ثم تغادر إلى مناطق مثل ريف حلب، في حين تستقر أخرى بشكل دائم، موضحًا أن عودة هذا العدد من العائلات تؤكد حالة من التحسن والاستقرار التدريجي في المنطقة.
استرداد العقارات: 75% من الأملاك أُعيدت لأصحابها
أما بخصوص اللجان المشكلة لإعادة الأملاك إلى أصحابها، فقد أوضح رئيس المجلس أن اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس المحلي تمكنت من إعادة أكثر من 75% من العقارات التي تم التبليغ عنها إلى أصحابها الشرعيين.
وقال إن اللجنة شُكّلت مباشرة بعد التحرير، بمشاركة ممثلين عن الفصائل والمؤسسات، لحل مشاكل الملكية المتراكمة بسبب سنوات الحرب والنزوح.
وبيّن أن: “أي جهة، سواء كانت فردًا أو فصيلًا، يضع يده على عقار خاص أو عام، يُطلب منه تسليمه إلى اللجنة الاقتصادية، التي تتحقق من الأوراق أو الشهادات، ثم تعيده إلى صاحبه الحقيقي”.
وأوضح أن اللجنة استلمت حتى الآن 483 بلاغًا من المواطنين بشأن الاستيلاء على عقارات؛ تم إعادة 113 عقارًا إلى أصحابها؛ 70 عقارًا تعهّد شاغلوها بإخلائها؛ 118 عقارًا تم تحويلها إلى الأمن الداخلي لإلزام الشاغلين بالإخلاء؛ وتم التوقيع على 9 تعهدات خطية في حالات مشابهة.
وأكد أن اللجنة لا تملك إحصائية دقيقة بعدد العقارات التي لا تزال مشغولة، لأن الحالات لا تظهر إلا عند تقديم شكوى من صاحب العلاقة.
الصعوبات القانونية في ملف الملكية
وعن الجانب القانوني المرتبط بملف الأملاك، أشار رئيس المجلس إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه اللجنة هو غياب الوثائق الرسمية لعدد كبير من العقارات، نتيجة القوانين السابقة، وخاصة “ترخيص الحدود” الذي كان يمنع التملك في المناطق الحدودية.
وأوضح أن كثيرًا من عمليات البيع والشراء جرت عن طريق وكالات أو عقود غير رسمية، ما خلق صعوبات في إثبات الملكية.
وأضاف: “أحيانًا يأتي أحد الورثة للمطالبة بالعقار دون وجود صك قانوني، أو تظهر نزاعات بين الورثة أنفسهم، ما يضطر اللجنة لتجنّب التورط في إشكالات قانونية”.
ووفقًا لرئيس المجلس، فإن اللجنة تعتمد أحيانًا على الشهود أو المختار في التحقق، لكنها لا تحل مكان القضاء، وتعمل على إعادة الحقوق بما لا يخلق نزاعات مستقبلية.
كما أشار إلى وجود حالات مطالبة مالية من بعض الشاغلين للمغادرة، مشددًا على وجود توجيهات واضحة بمنع أي جهة من طلب المال مقابل إخلاء العقار، داعيًا كل من يتعرض لابتزاز مالي بهذا الخصوص إلى إبلاغ اللجنة فورًا.
تراجع الفوضى وتجاوزات الفصائل
وفي معرض حديثه عن التجاوزات التي ترتكبها بعض الفصائل، رفض رئيس المجلس تسميتها بالانتهاكات، مؤكدًا أنها لا تعدو كونها تجاوزات فردية من قبل بعض العناصر، مشيرًا إلى انخفاضها وتراجعها خلال الفترة الأخيرة.
وقال: “لا يمكن التعميم، هناك فصائل التزمت منذ اليوم الأول وسلّمت جميع المقرات والعقارات التي بحوزتها، وهناك جهات أخرى لا تزال تماطل، لكن الرقابة والضبط في تصاعد مستمر”.
وأوضح أن جميع الفصائل أصبحت الآن تابعة رسميًا لوزارة الدفاع، وأن هذا الانضواء سيسهم في إنهاء أي تجاوزات مستقبلية، مضيفًا: “أي شكوى تُقدَّم اليوم يتم التعامل معها فورًا من قبل الجهات الأمنية، دون الحاجة لإجراءات معقدة”، مشيرًا إلى أن “المتجاوز لم يعد بإمكانه الاحتماء بفصيل أو جهة كما في السابق”.
تحسن الوضع الأمني في عفرين
وفي ما يخص الوضع الأمني، وصف رئيس المجلس الحالة الأمنية في مدينة عفرين وريفها بـ”المستقرة”، موضحًا أن الحوادث الأمنية التي تقع متفرقة لا تتجاوز النطاق الطبيعي مقارنة بسائر المناطق السورية.
وقال: “لا توجد حالات اختطاف ممنهجة، أو تهديد أمني منظم، وهناك حوادث فردية يتم التدخل فيها مباشرة من قبل الأمن العام، كما أن الاستقرار العام يشهد تحسنًا ملحوظًا”.
وأضاف أن الأمن العام بات يتدخل مباشرة دون وساطة أو تنسيق مع الفصائل، مما ضيّق دائرة الفوضى.
إعادة هيكلة المؤسسات وتوحيد المرجعية
وفي الشأن الإداري، لفت رئيس المجلس إلى أن مدينة عفرين وريفها باتت خاضعة بشكل كامل لسلطة الحكومة السورية..
… وأن عملية دمج المجالس المحلية مع المؤسسات الرسمية بدأت مباشرة بعد التحرير.
وأوضح أن كل وزارة باشرت عملها من خلال مكاتبها أو إداراتها، بما في ذلك وزارات الإدارة المحلية، الداخلية، الدفاع، والخدمات.
وقال: “صحيح أن بعض الفصائل تأخرت في تسليم ما بحوزتها بسبب ترتيبات إدارية، لكن الاتجاه العام واضح نحو توحيد السلطة ودمج كل الجهات تحت مظلة الدولة”.
البنية الإدارية والسكان
وفي ما يتعلّق بالهيكلية الإدارية المتبعة في عفرين، أوضح رئيس المجلس أن منطقة عفرين تتألف من ست نواحٍ: شران، بلبل، راجو، الشيخ حديد، معبطلي، وجنديرس، وتضم 366 قرية.
كما بيّن أن مجلس مدينة عفرين يدير المدينة و15 قرية تتبع له خدماتيًا، بينما تتبع باقي البلديات مباشرة إلى محافظة حلب عبر وزارة الإدارة المحلية.
وذكر أن عدد السكان في منطقة عفرين (المدينة والريف) يُقدّر حاليًا بين 650 إلى 675 ألف نسمة، منهم 150 إلى 175 ألفًا في مدينة عفرين وحدها، بحسب إحصائيات المجلس.
ضرورة إحداث سجل عقاري محلي
وشدد رئيس المجلس على أهمية إحداث سجل عقاري رسمي في مدينة عفرين، لتسهيل إثبات الملكيات، ومعالجة مشكلات البيع والشراء التي حصلت في فترات متعاقبة (زمن النظام، خلال الثورة، في فترة سيطرة “قسد”، وبعد التحرير).
وقال: “أي شخص يشتري عقارًا عليه أن يراجع السجل العقاري في حلب، بينما الحاجة ماسة لافتتاح سجل عقاري خاص في عفرين، يسهم في تسريع الإجراءات وتنظيم الأملاك”.
اختتم رئيس المجلس حديثه بالتأكيد على أن هناك خطوات جدية نحو الاستقرار الكامل، رغم التحديات القانونية والأمنية واللوجستية، قائلًا: “نعمل على معالجة الملفات الشائكة ضمن إمكانياتنا، وهناك تعاون من المواطنين، والجهات الرسمية مصمّمة على إنهاء حالة الفوضى وتحقيق العدالة في استرداد الحقوق”.

			
															







