بدأت المدارس الخاصة التابعة للكنائس في محافظة الحسكة صباح اليوم الاثنين عامها الدراسي الجديد، بعد التوصل إلى اتفاق بين هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية وممثلي الكنائس يسمح بتدريس منهاج وزارة التربية السورية. وتأتي هذه الخطوة لإنهاء أزمة استمرت أسابيع وأثارت جدلاً واسعاً في الأوساط التربوية والسياسية، حيث توقفت الدراسة لآلاف الطلاب منذ بداية العام الدراسي. الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثفة قادها مجلس الكنائس بمشاركة شخصيات دينية ومجتمعية، وأعاد الأمل للطلاب وأسرهم.
وعلى صعيد متصل، رحّب مجلس كنائس الجزيرة والفرات بالاتفاق واعتبره انتصاراً للحوار والعقل، مؤكداً في بيانه تمسكه بحق الكنائس في إدارة مدارسها وفق خصوصيتها التعليمية والدينية، وداعياً إلى نبذ التوتر والحفاظ على السلم الأهلي. كما وصفت المنظمة الآثورية الديمقراطية التفاهم الجديد بأنه خطوة إيجابية تعيد للطلاب حقهم في التعليم، وأشادت بوحدة موقف المطارنة والآباء التي لعبت دوراً حاسماً في تجاوز الأزمة، معتبرة أن التعليم هو السلاح الأنجع لبناء سورية جديدة.
ومع ذلك، لم يحظَ الاتفاق بإجماع سياسي داخل مناطق الإدارة الذاتية، إذ أصدرت سبعة أحزاب منضوية تحت مظلة الإدارة بياناً دعت فيه إلى التراجع عن القرار، معتبرة أنه يتناقض مع العقد الاجتماعي الذي يضمن مجانية التعليم وحق المكونات في التعلم بلغتها الأم، مشددة على ضرورة حماية هذا العقد بوصفه عهداً بين مكونات الشعب لا ورقة تفاوضية.
وفي سياق متصل، عبّر عدد من الأهالي عن استيائهم من استمرار إغلاق المدارس الحكومية، معتبرين أن التعليم حق للجميع لا يجب أن يُقيد بالخلافات السياسية. وقال محمد حسن من الحسكة لسوريا 24: “لا مبرر لفتح المدارس الخاصة وإغلاق المدارس الحكومية، ندعو إلى إعادة النظر وفتح جميع المدارس والدوائر لخدمة الشعب.”
بدورها، أوضحت أم فاطمة من القامشلي: “يجب فصل التعليم عن السياسة، شو ذنب الأطفال ينحرموا من التعليم.”
ومن جانبه، أشار يوسف، والد لثلاثة طلاب، إلى أن “الأزمة خلقت تفرقة بين طلاب المدارس الخاصة والمدارس الحكومية، ومستقبل أولادنا صار مهدداً، ولا بد من عدالة اجتماعية وإعادة فتح المدارس الحكومية لجميع الأطفال.”
وفي الوقت نفسه، شدد سامي من أهالي عامودا على أن “التعليم خط أحمر، ويجب أن يحصل الطلاب على تعليمهم بشكل معترف به، لا سيما في المدارس الحكومية التي كانت تغطي كل الأحياء، دون حرمان الفقراء من حقهم.”
وأشار الأهالي كذلك إلى أن استمرار الفجوة بين المدارس الخاصة والمدارس الحكومية يهدد الاستقرار الاجتماعي ويخلق شعوراً بعدم المساواة، مؤكدين أن الأطفال الذين لا يستطيعون دفع رسوم المدارس الخاصة يتعرضون للحرمان التعليمي، وهو ما يعتبرونه انتهاكاً لحقوقهم الأساسية.
وبينما تُرحب بعض الأطراف بالخطوة باعتبارها حلاً مؤقتاً يحفظ استمرارية التعليم للطلاب في المدارس الكنسية، إلا أن النقاش لا يزال محتدماً حول العدالة في التعليم وضرورة إعادة فتح المدارس الحكومية لجميع الأطفال بعيداً عن أي تأثير سياسي أو ديني.
يذكر أن عدد المدارس الكنسية في الجزيرة السورية يبلغ 23 مدرسة، منها تسع في مدينة الحسكة. وقد بلغ القسط الدراسي في السنة الماضية مليوناً و400 ألف ليرة سورية، لكنه لم يُحدد بعد للسنة الحالية.
			
															







