زيارة تاريخية للشرع إلى واشنطن: هل تفتح الباب أمام مرحلة جديدة لسوريا؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

أحمد زكريا - سوريا 24

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ استقلال سوريا عام 1946، سيحل الرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة الأميركية واشنطن خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في خطوة وُصفت بأنها محورية في مسار الانفتاح السوري على الغرب بعد سنوات من القطيعة والعقوبات.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أوضح، خلال مشاركته في منتدى حوار المنامة 2025 قبل أيام، أن الرئيس الشرع سيجتمع بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، مشيراً إلى أن ملف إعادة إعمار سوريا سيكون على رأس جدول المباحثات، إلى جانب ملفات اقتصادية وسياسية أخرى.

وقال الشيباني إن “سوريا تريد علاقات متوازنة مع كل الدول، ولم يعد هناك مبرر لاستمرار العقوبات”، في إشارة إلى قانون “قيصر” الأميركي الذي فُرض عام 2019 لمعاقبة أركان النظام السوري السابق.

انفتاح اقتصادي وسياسي محتمل

الزيارة المرتقبة تأتي في وقت تشهد فيه الساحة السورية حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، خصوصاً بعد لقائي الشرع مع الرئيس الأميركي في كل من الرياض ونيويورك خلال الأشهر القليلة الماضية، في حين أن اللقاء الثالث في واشنطن قد يكون نقطة التحول الكبرى التي تعيد رسم خريطة العلاقات بين البلدين.

ويُنتظر أن تُناقش الزيارة إمكانية تخفيف العقوبات الاقتصادية وفتح الباب أمام استثمارات غربية في مشاريع إعادة الإعمار، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.

الانفتاح السوري على الغرب

وفي سياق متصل، اعتبر الدكتور عماد العلي، الباحث والمحاضر في جامعة برلين الحرة، أن زيارة الرئيس الشرع المرتقبة إلى واشنطن تكتسب أهمية استثنائية ضمن مسار الانفتاح السوري على الغرب، تماماً كما كان الحال في زيارته السابقة إلى ألمانيا.

وقال العلي في حديث لمنصة سوريا 24: “تكتسي زيارة الرئيس الشرع لألمانيا أهمية استثنائية، فألمانيا الدولة الأوروبية الأولى اقتصادياً وذات تأثير واسع في الاتحاد الأوروبي، كما استضافت ما يقرب من مليون لاجئ سوري هربوا من إجرام نظام الأسد، إضافة إلى حقيقة أن ألمانيا ثاني أكبر مساهم في المساعدات الإنسانية لسوريا عالمياً بعد الولايات المتحدة، ولطالما ساندت سياسياً حقوق الشعب السوري وثورته ضد النظام البائد”.

وأضاف الباحث أن المرحلة المقبلة “ستمثل تتويجاً للعلاقات الثنائية القائمة على التعاون والمصالح المشتركة”، مشيراً إلى أن ألمانيا “قد تكون بوابة سوريا نحو دخول الاستثمارات الأوروبية الكبرى، خاصة في مجالات إعادة الإعمار والخدمات”.

تغيير استراتيجي في التموضع السوري

من جهته، رأى الصحفي السوري المقيم في واشنطن زيد مستو أن الزيارة تتجاوز البعد الدبلوماسي التقليدي، مشيراً إلى أنها قد تتوج بتوقيع اتفاق انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما سيحمل، بحسب مستو، انعكاسات سياسية واستراتيجية واسعة.

وقال مستو في حديث لمنصة سوريا 24: “توقيع الاتفاق يعني انتقال سوريا ضمنياً إلى المحور الغربي في العالم، وعلى الرغم من أن الرئيس الشرع قال في مناسبات عدة إنه يسعى لأن تكون سوريا غير منتمية لأي من المعسكرين (الشرقي والغربي)، ويسعى لعلاقات طبيعية مع روسيا، إلا أن انضمام دمشق يعني تقاربها أكثر مع التحالف الغربي في مواجهة روسيا التي انتقدت التحالف الدولي ضد داعش منذ الإعلان عنه”.

وأضاف أن الانضمام “يعني عزم سوريا على حل ملف الجهاديين والمقاتلين الأجانب داخل الجيش، وتجفيف مصادر تمويل داعش، ودعم الاستقرار في المناطق المحررة عبر إعادة الخدمات والبنى التحتية”.

وأشار مستو إلى أن التعاون الأميركي سيتوقف مع “قسد” ككيان مستقل، “لتصبح جزءاً من الدولة السورية في مواجهة التنظيمات المتطرفة”، لافتاً إلى أن هذه الخطوة “ستُستخدم من قبل البيت الأبيض للضغط على الكونغرس من أجل رفع قانون قيصر نهائياً”.

انعكاسات إقليمية ودولية

ومن المحتمل أن يُضعف انخراط سوريا في التحالف الدولي المبررات الإسرائيلية الرافضة لأي اتفاق أمني مع دمشق، خاصة أن واشنطن تلعب حالياً دور الوسيط بين الطرفين.

كما يُتوقع أن تسهم الزيارة في إعادة تموضع سوريا دولياً، وتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة السياسية.

ووسط كل ذلك، فإنه من الواضح أن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تحمل في طياتها أكثر من مجرد بروتوكول سياسي، فهي تُعد اختباراً حقيقياً لإمكانية عودة سوريا إلى الساحة الدولية شريكاً لا خصماً، وانطلاقة لمسار اقتصادي واستثماري جديد قد يعيد تشكيل ملامح الداخل السوري في السنوات المقبلة.

مقالات ذات صلة