تصاعدت موجة الغضب الشعبي في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، إثر الحديث عن دخول التعرفة الجديدة للكهرباء حيز التنفيذ، في ظل أوضاع اقتصادية متردية وانهيار متواصل في القدرة الشرائية للمواطنين.
توتر واستياء وهموم معيشية يومية
وعبّر سكان المدينة عن رفض واسع للقرار، مشيرين إلى أن فاتورة الكهرباء باتت تمثل عبئاً لا يُحتمل في ظل دخل شهري لا يتجاوز 750 ألف ليرة سورية، بينما تصل فاتورة الكهرباء وحدها إلى 325 ألف ليرة.
وقال المثنى أبو صالح، من سكان دير الزور في حديث لمنصة سوريا 24: “الناس متوترة جداً ومستاءة من قرار رفع تسعيرة فواتير الكهرباء، إذ أن متوسط دخل المواطن 750 ألف ليرة، والمطلوب منه شهرياً 325 ألف كهرباء”.
وتابع: “الكهرباء تأتي اثنتي عشرة ساعة تقريبًا، وربما أربع عشرة ساعة، وفي دير الزور لا يوجد أحد مشترك بأمبيرات قليلة؛ فبعضهم يمتلك مولدات كبيرة كالمحلات التجارية، وقد يبيع الكهرباء لجيرانه”.
وأ شار إلى أن: “راتب الناس لا يكفي لشراء الخبز والخيار والبندورة، علماً أن سعر كيلوغرام البندورة سبعة آلاف ليرة، والخيار البلاستيكي خمسة آلاف، فالناس تعيش على الخبز فقط، هذا إن لم يكن عليها إيجار منزل”، مضيفا: “الناس ليست متعبة فحسب، بل صارت كتلًا لحمية، لا تفعل سوى الشهيق والزفير”.
وأضاف أبو صالح أن انقطاع الكهرباء المتكرر، رغم ارتفاع التعرفة، يجعل القرار غير منطقي وغير عادل، خاصة في ظل غياب أي تحسّن ملموس في جودة الخدمة أو استقرار التغذية.
المطلوب تعلم ثقافة الترشيد
من جهته، دافع المهندس ياسر العبد الله، المدير العام لشركة كهرباء محافظة دير الزور، عن القرار، وقال في حديث لمنصة سوريا 24: “الوزارة بين أسباب الحاجة لرفع التعرفة للنهوض بالبنية التحتية للكهرباء من التوليد حتى المستهلك، لأن البنية التحتية منهارة، وكذلك لزيادة ساعات التشغيل بالأيام القادمة”.
وزاد بالقول: “على الناس أن تتعلّم ثقافة الترشيد، لقد عشنا في أدلب وكانت التعرفة حينها هي نفسها التي رفعتها الدولة اليوم، لكن المواطن لم يكن يشعر بأي مسؤولية تجاه الكهرباء، فلم يكن يُشغّل أي جهاز إلا عند الحاجة، أما هنا، فلا وجود لهذا الوعي على الإطلاق، إلا من رحم ربي، وعلى هذا الوضع، فلن نصل أبدًا إلى تشغيل الكهرباء 24 ساعة في المستقبل”.
الحل: التقليل من استهلاك الكهرباء
في المقابل، اعترف رئيس مجلس مدينة دير الزور، ماجد حطاب، بصعوبة القرار على المواطنين، لكنه أشار إلى “الوضع الاستثنائي” الذي تمر به الدولة.
وقال في حديث لمنصة سوريا 24: “بالتأكيد، لن يلقى رفع أسعار الكهرباء قبولاً لدى الناس، ولكن الدولة في المقابل تمرّ بوضع استثنائي، ولكن الحل الأمثل هو أن يُقلّل الناس من استهلاكهم للكهرباء، كما كنا نفعل في أوروبا وتركيا”.
خلفية القرار
وقبل أيام، أعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية عن بدء تطبيق تعرفة كهربائية جديدة موزعة على أربع شرائح، تهدف إلى “مراعاة الفئات الاجتماعية ومستويات الاستهلاك المختلفة”، ضمن خطة إصلاح قطاع الكهرباء وتحسين الخدمة. وبحسب الوزارة، فإن التعرفة الجديدة تدعم الفئات ذات الدخل المحدود، وتشمل:
– الشريحة الأولى: حتى 300 كيلوواط شهريًا، بسعر 600 ليرة سورية للكيلوواط، تتحمل الدولة 60% من الكلفة، ومخصصة للأسر الفقيرة.
– الشريحة الثانية: أكثر من 300 كيلوواط، بسعر 1400 ليرة للكيلوواط، وتستهدف أصحاب الدخل المتوسط والمشاريع الصغيرة.
– الشريحة الثالثة: تشمل المؤسسات الحكومية والشركات والمصانع التي تحتاج الكهرباء على مدار الساعة، بسعر 1700 ليرة للكيلوواط.
– الشريحة الرابعة: للمعامل ذات الاستهلاك العالي (مثل معامل الصهر)، بسعر 1800 ليرة للكيلوواط.
غير أن سكان دير الزور يرون أن هذه الشرائح لا تعكس واقعهم، خصوصًا أن ساعات التغذية لا تتجاوز 12–14 ساعة يوميًا، وأن البنية التحتية لم تُصلَح رغم الزيادات المتكررة في الأسعار على مدار السنوات الماضية.
ويُجمع الأهالي على أن القرار، رغم مبرراته الفنية، يصطدم بسقف القدرة الشرائية للمواطن السوري، الذي بات يعيش على الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.








