تفاوت كبير في أسعار المقاهي بدمشق يعكس الفوارق المعيشية

Facebook
WhatsApp
Telegram

سلطان الأطرش - سوريا 24

تسجّل أسعار المقاهي في دمشق تفاوتًا واسعًا بين الأحياء الشعبية والمناطق الراقية، إذ يتراوح سعر فنجان القهوة بين 10 آلاف وأكثر من 50 ألف ليرة سورية بحسب المنطقة ونوع المقهى ومستوى الخدمة، في مشهد يعكس اتساع الفجوة المعيشية ويحمّل فيه كل من أصحاب المقاهي والأهالي غياب الرقابة التموينية مسؤولية هذا التفاوت الكبير.

وخلال جولة ميدانية لمراسل موقع «سوريا 24» على عدد من المقاهي في مختلف مناطق العاصمة، تبين أن أقل سعر لفنجان القهوة يُسجّل في أحد المقاهي الشعبية بساحة المرجة، حيث لا يتجاوز 10 آلاف ليرة سورية، في حين يصل السعر في بعض مقاهي كفرسوسة إلى أكثر من 50 ألف ليرة سورية، تبعًا لطبيعة المقهى والخدمة المقدمة ومستوى الراحة التي يوفرها.

أما في حي باب توما، فتتراوح أسعار فنجان القهوة بين 25 و35 ألف ليرة سورية في أغلب المقاهي المنتشرة هناك، بينما تسجّل مقاهي مساكن برزة أسعارًا أقل نسبيًا، إذ يتراوح السعر بين 15 و25 ألف ليرة سورية. ويشير هذا التباين إلى أن الأسعار لا تتحدد بالمنطقة فقط، بل تتأثر بعوامل متعددة تشمل كلفة الإيجار والديكور وجودة المواد المستخدمة والخدمة المقدمة.

تفاوت حتى بين المقاهي المتجاورة

اللافت، بحسب ما رصد مراسل «سوريا 24»، أن الفوارق في الأسعار لا تقتصر على المناطق المختلفة، بل تمتد أحيانًا إلى المقاهي المتجاورة داخل نفس الحي، إذ قد يصل الفارق في السعر إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة بين مقهى وآخر لا يفصل بينهما سوى أمتار قليلة.

وقال مازن، أحد رواد المقاهي في باب توما لموقعنا: “في نفس الشارع، يقدّم أحد المقاهي فنجان القهوة بـ25 ألف ليرة، بينما يقدم المقهى المجاور نفس النوع بـ35 ألفًا، دون وجود تسعيرة واضحة أو رقابة فعلية.”

أصحاب المقاهي: التكاليف غير مستقرة

أشار عدد من أصحاب المقاهي إلى أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وعدم استقرار سعر الصرف يجعل من الصعب تحديد أسعار ثابتة.
وقال أبو جعفر، صاحب مقهى في كفرسوسة، لموقع «سوريا 24»: “تتغير الأسعار يوميًا، البن والغاز والسكر وحتى الكاسات الورقية، وكلها عوامل تؤثر على السعر النهائي. نحاول التكيف مع الكلفة دون خسارة، ولكن النتيجة تفاوت كبير في السوق.”

من جانبه، أوضح فارس، صاحب مقهى في مساكن برزة، أن الزبائن باتوا يشتكون بشكل متكرر من ارتفاع الأسعار، مضيفًا: “نسعى للحفاظ على أسعار معقولة قدر الإمكان، إلا أن غياب تسعيرة واضحة من الجهات المعنية يجعل كل مقهى يحدد سعره بشكل منفرد.”

غياب الرقابة التموينية

عدد من الأهالي الذين التقاهم مراسل «سوريا 24» اعتبروا أن غياب الرقابة الفعلية من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ساهم في تفاقم هذا التفاوت، إذ لا توجد تسعيرة موحدة أو محددة للمقاهي، ما يتيح لكل صاحب مقهى حرية تسعير المشروبات وفق مزاجه أو بحسب مستوى الزبائن.

وقال أحمد، أحد الزبائن في باب توما، لموقعنا: “كل مقهى يحدد السعر الذي يراه مناسبًا، ولا توجد متابعة. من الضروري وجود تحديد واضح من الجهات المعنية، كما هو الحال في المطاعم والمحلات التجارية الأخرى.”

انعكاس للفوارق المعيشية

يعكس هذا التفاوت في الأسعار بشكل مباشر الفوارق الطبقية والمعيشية الواضحة في دمشق، والتي يمكن ملاحظتها بسهولة عند التجوال في أحيائها. فبين من يستطيع دفع خمسين ألف ليرة لفنجان قهوة، ومن يكتفي بمقهى شعبي في المرجة، تتجسد صورة واقع اقتصادي متباين تتفاوت فيه القدرة الشرائية بين حي وآخر وبين الفرد والآخر.

كما تظهر هذه الفوارق أيضًا انعكاسًا للتحديات الاقتصادية اليومية التي يواجهها المواطن الدمشقي، حيث يضطر البعض إلى البحث عن مقاهي أقل تكلفة أو تحضير القهوة في المنزل لتوفير النفقات، بينما يستمر آخرون في ارتياد المقاهي الراقية رغم ارتفاع الأسعار.

المقهى والواقع الاقتصادي

تبقى المقاهي في دمشق متنفسًا اجتماعيًا مهمًا للكثير من السكان، إلا أن الفجوة السعرية الكبيرة بين الأحياء والمقاهي تعكس بشكل واضح التباين الاقتصادي والمعيشي، محولة جلسة القهوة إلى مؤشر مباشر على الواقع اليومي للمدينة، بين من يعتبرها رفاهية ومن يراها جزءًا من حياته الاجتماعية المعتادة.

مقالات ذات صلة