يواصل معلمو إدلب وريف حلب الغربي منذ أيام إضرابًا مفتوحًا أطلق عليه المعلمون اسم “إضراب الكرامة”، احتجاجًا على تدني الأجور، وتدهور الأوضاع المعيشية، وضعف الدعم المقدم للقطاع التربوي. ويؤكد المعلمون أن الإضراب جاء بعد سنوات من الصبر والمعاناة، ومحاولات متكررة للمطالبة بحقوقهم دون استجابة تُذكر.
الأتارب… معلمون يرفعون الصوت: “بلغنا حدًّا لا يُطاق”
ففي مدينة الأتارب، أعلن الكادر التعليمي في عدد من المدارس توقفهم الكامل عن العمل، مؤكدين أن هذه الخطوة تأتي كرسالة سلمية، ومعللين الأسباب بأنّ “الوضع التعليمي والمعيشي لا يُحتمل”.
وقال مصطفى عبيد، مدير مدرسة بنين الأتارب، لموقع سوريا 24: إنّ “إضراب المعلمين جاء بسبب ضعف الحالة المعيشية للعاملين في القطاع التربوي”، مطالبًا بـ”تصحيح الوضع الوظيفي للعاملين في القطاع التعليمي، فالمعاناة مستمرة منذ سنوات”.
وطالب بتوفير الأدوات الأساسية لإكمال العملية التعليمية من كتب ومستلزمات دراسية، مشيرًا إلى افتقار المدارس إلى أدوات الصيانة والقرطاسية، ما ينعكس سلبًا على سير العملية التربوية.
من جهته، أكد هلال مطر، مدير ثانوية الأتارب للبنين، أن المعلمين لم يلجؤوا إلى الإضراب إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الممكنة، وقال لموقع سوريا 24 إنّ “الإضراب جاء نتيجة لتراكم سنوات من الإهمال وتدني مستوى المعيشة”.
وأضاف: “لسنا سعداء بإغلاق المدارس، فهؤلاء الطلاب أبناؤنا وإخوتنا، لكن لم يعد أمامنا خيار آخر”، مشددًا على أنّ “المعلمين في حالة ألم، وليسوا في راحة”، مطالبًا الجهات الرسمية باتخاذ قرارات جادة لزيادة الرواتب بشكل يليق بكرامة المعلم ويضمن استمرارية التعليم.
بدورها، تحدثت ديمة المحمد، معلمة اللغة العربية في ثانوية الأتارب، بحرقة عن واقع المعلمين الصعب، وأكدت أن “الإضراب ليس ترفًا، بل دفاع عن الكرامة”، وقالت لموقع سوريا 24 إنّ “المعلم يعيش تحت ضغط اقتصادي خانق. بعد سنوات التهجير، كنا ندرّس تطوعًا، واليوم، رغم التحرير، ما زال المعلم يعيش معاناة يومية”.
وأوضحت أن “راتب المعلم يتراوح ما بين 130 و150 دولارًا، ولا يكفي لتأمين الحد الأدنى من المعيشة”، مؤكدة أن المعلمين لا يطالبون بـ”رفاهية، بل راتب يكفي لتأمين احتياجاتنا الأساسية”.
تحذيرات من اتساع الإضراب وتوقف التعليم
يحذر مراقبون من أن استمرار الإضراب قد يؤدي إلى شلل شبه كامل في العملية التعليمية في معظم مناطق الشمال السوري، مع اتساع رقعة المشاركة يومًا بعد يوم.
ويطالب المعلمون والناشطون التربويون الجهات المعنية والمنظمات الداعمة بالتحرك العاجل لإنصاف الكوادر التعليمية، وضمان استمرارية التعليم في المناطق المحررة.
يبقى “إضراب الكرامة” صرخة حقيقية في وجه الواقع الاقتصادي القاسي، ورسالة واضحة مفادها أن النهوض بالتعليم يبدأ من دعم المعلم، ومنحه المكانة والعيش الكريم الذي يستحقه، لأنه حجر الأساس في بناء المستقبل.













