تشهد مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي، رغم مرور عدة أشهر على تحريرها من النظام السابق، استمراراً لمعاناة سكانية متراكمة في المجال الخدمي.
وتتفاقم مطالب الأهالي بتحسين البنية التحتية، وتطوير أداء الكوادر الخدمية، وإعادة هيكلة إدارة الخدمات المحلية بما يتناسب مع الاحتياجات الراهنة.
مطالبات بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية
يقول محمود سليمان، من أهالي المنطقة شمالي حمص في حديث لمنصة سوريا 24: “الخدمات في الرستن لا تزال دون الحد الأدنى المقبول، وهناك أحياء تفتقر كلياً لشبكة صرف صحي سليمة، وبعض المناطق تعاني من تردي شبكات الكهرباء”.
وأضاف: “المدارس بدورها بحاجة ماسّة لإعادة تأهيل؛ فكثير منها مدمر جزئياً أو كلياً، ويُدار التعليم حالياً بنظام دوامين (صباحي ومسائي) لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب، مما يؤثر على جودة التعليم وظروف التعلّم”.
وحسب سليمان، فإن بعض المشاريع الخدمية بدأت فعلاً تنفيذها، بعد حملة “أربعاء الرستن” الأهلية التي جمعت تبرعات وقدمت مساعدات متنوعة، إلا أن وتيرة التنفيذ بطيئة، وتحتاج إلى دعم مؤسسي أوسع وأسرع.
وأوضح: “هناك جهود تُبذل، ومبادرات أهلية تشتغل على الأرض، لكنها تحتاج لوقت، ولدعم لوجستي ومالي أكبر، ولكن نحن لا نطلب المستحيل، بل نطالب بالخدمات التي تليق بمدينة كانت ولا تزال من المراكز الحيوية في ريف حمص”.
فساد إداري يفاقم الأزمة الخدمية
ويشير سكان آخرون، ومنهم مراد سعد الدين في حديث لمنصة سوريا 24، إلى أن السبب الجذري في تردي الواقع الخدمي لا يعود فقط إلى الدمار الذي خلّفه القصف خلال سنوات الحرب، بل أيضاً إلى استمرار نفس العقلية الإدارية التي كانت سائدة في زمن النظام السابق.
وقال سعد الدين: “الواقع الخدمي في المدينة يفتقر لأدنى المقومات الرئيسية، من صرف صحي وطرقات وشبكة مياه، بسبب تهالك البنية التحتية جرّاء القصف الذي تعرضت له المدينة قبل تهجير سكانها إلى الشمال السوري”.
وأضاف: “أما الكوادر الخدمية فما زالت تدار بمنطق المحسوبيات والواسطات، كما في زمن النظام البائد.”.
ويُحمّل سعد الدين رئيس المجلس البلدي السابق، مسؤولية التقصير المتواصل، ويؤكد أن المطالب الشعبية أدّت إلى صدور قرار من محافظ حمص بتغييره.
ولفت إلى أن: “مطالب الناس كانت واضحة: استقالة رئيس البلدية لعدم قيامه بأي خدمة حقيقية، ولارتباطه بميليشيات إيرانية، وقد استُجيب جزئياً لهذه المطالب، بعد ضغط شعبي، حيث صدر قرار من محافظ حمص بإعفائه، والموافقة على تعيين بديل عنه. لكن التغيير لم يُترجم بعد على الأرض بتحسّن ملموس في الخدمات”.
مبادرات أهلية تحلّ محل الجهات الخدمية
وفي غياب الأداء الرسمي، برزت مبادرات أهلية كـ”منتدى الرستن التنموي” كأبرز مُحرّك للعمل الخدمي في المدينة.
ويوضح مراد سعد الدين: “أغلب الإنجازات التي شهدتها المدينة مؤخراً نفذها منتدى الرستن التنموي، وهو مبادرة أهلية أُسّست بعد تحرير سوريا، بجهود مجموعة من شباب المدينة في المغترب”.
ويعتمد المنتدى على جمع التبرعات من أعضائه، ويقوم بتنفيذ مشاريع ميدانية ملموسة مثل: تركيب إنارة على المفارق والطرقات الرئيسية، ترميم المراكز الصحية، أعمال النظافة، وإعادة تأهيل المدارس، وفق سعد الدين.
ووسط كل ذلك، فإن مدينة الرستن بحاجة ملحة إلى إعادة بناء مؤسسية شاملة، تبدأ من تعيين كوادر مؤهلة وشفافة، وتمتد إلى خطط خدمية مُموّلة ومُراقبة، تزامنا مع استمرار الاعتماد المتزايد على المجتمع المدني، في ظل تراجع الأدوار الخدمية للجهات المختصة الحكومية، حسب الأهالي، الأمر الذي قد يُشكل نموذجاً ناجحاً في المدى القصير، لكنه لا يُغني عن وجود جهات خدمية مسؤولة وقادرة على إدارة الشأن الخدمي محلياً.









