تشهد محافظة حمص تصاعدًا ملحوظًا في نسب البطالة، خاصة بين حملة الشهادات الجامعية، وسط غياب مشاريع التشغيل والاستثمارات الحقيقية، ما يُدخل آلاف الشباب في دوامة اليأس والبحث عن مخارج صعبة، من بينها الهجرة أو الانخراط في قطاعات أمنية أو أعمال لا تمت لاختصاصاتهم بصلة.
فرص وهمية ووعود بلا تنفيذ
يؤكد إبراهيم ياسين، أحد سكان حمص، من الملاحظ أن البطالة تتزايد بشكل كبير جدًا، مُرجعًا السبب الرئيسي إلى غياب مشاريع التشغيل والاستثمارات الكبيرة.
ويشرح في حديث لمنصة سوريا 24، أن “أغلب المنظمات التي تنشر إعلانات عن فرص عمل، لا تقدم وظائف فعلية؛ بل تضع إعلانات وهمية، وعند التواصل تكتشف أنها لا تبحث فعليًا عن موظفين جدد”.
هذه الممارسات زادت من الإحباط لدى الشباب، خاصة أن أغلب هؤلاء الخريجين هم من فئة “الأسر المعيشية”، إذ يشير ياسين إلى أن “أغلب أصحاب الشهادات الذين أعرفهم متزوجون ويُعيلون أسرًا، ودخل بعضهم لا يتجاوز 70 دولارًا شهريًا”، ما يجعلهم يعيشون تحت خط الفقر في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
انقسام جيلي في مواجهة الأزمة
تتوزع تداعيات البطالة على فئتين عمريتين بوضوح:
* الفئة الشابة (18–24 عامًا): تتجه بشكل مكثف نحو التطوع في قوى الأمن أو وزارة الدفاع، كمخرج سريع نسبيًا لتأمين دخل ثابت وتأمين اجتماعي، رغم أن هذا الخيار لا يُبنى غالبًا على رغبة مهنية أو تخصصية.
* الفئة الأكبر (27 عامًا فما فوق): وهي الأكثر تضررًا، خصوصًا من خريجي الجامعات وأصحاب المؤهلات العليا، الذين يضطرون للعمل في مهن بعيدة تمامًا عن تخصصاتهم: معمل بلوك، محل خضروات أو بقالية صغيرة، وفق ياسين.
هذا الواقع يولّد حالة من الإحباط واليأس، لشعورهم بأن الجهات المعنية تهمّشهم، التي تفتقر، وفق تقييمه، إلى خطة أو حلول حقيقية.
آمال معلقة على استثمارات موعودة
في المقابل، يبدي محمود أبو البراء، من ريف حمص، تفاؤلًا حذرًا، إذ يرى أن “فرص العمل لأصحاب الشهادات لم تُفتح بعد، لكن من المتوقع أن تشهد المنطقة استثمارات جديدة حتى مطلع العام القادم”، ما قد يوفر فرص عمل مناسبة لهذه الفئة.
ويُضيف أبو البراء في حديث لمنصة سوريا 24، أن “الأمر بحاجة إلى تنظيم أكبر”، مُشيرًا إلى أن الكثير من الشباب ما زالوا ينتظرون فرصة عمل تليق بمؤهلاتهم، في حين يلتحق آخرون بالخدمة التطوعية في الجيش أو قوى الأمن كحل مؤقت.
ويُعبّر عن تفاؤله بأن تكون هناك فرص عمل تتناسب مع الجميع مع بداية العام المقبل، لكنه لا يقدّم تفاصيل عن طبيعة أو حجم هذه الاستثمارات أو الجهات الراعية لها.
وتتعالى الأصوات من نسبة كبيرة من الأهالي، للتحذير من أن استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن الهجرة والانخراط القسري في قطاعات غير متخصصة، سيظلان الخيارين الوحيدين لفئة واسعة من الشباب المتعلّم، ما يهدد ليس فقط بخسارة رأسمال بشري، بل أيضًا باستقرار اجتماعي ووطني على المدى المتوسط والبعيد.









