يعاني سهل الغاب، أحد أبرز المناطق الزراعية في سوريا، من تحديات كبيرة في ظل استمرار تعطل مئات الدونمات من الأراضي الزراعية عن الخدمة، بسبب انتشار الألغام والسواتر الترابية التي خلفتها سنوات الصراع.
وبحسب مراسل سوريا 24، فإن أكثر من 700 دونم من الأراضي لا تزال خارجة عن الاستثمار الزراعي، في وقت تستمر فيه الجهات الخدمية بمحاولات إزالة السواتر والركام التي تقدر كميتها بأكثر من مليون متر مكعب، إلا أن الإمكانيات المتوفرة لا تزال محدودة مقارنة بحجم الضرر.
محمد الخالد، أحد المزارعين في سهل الغاب، أشار خلال حديثه لموقع سوريا 24 إلى أن أراضيهم كانت في السابق خط تماس مع قوات النظام، ورغم عودتهم إليها بعد انتهاء المعارك، إلا أن السواتر الترابية لا تزال تشكّل عائقًا كبيرًا، مؤكدًا أن اقتراب الموسم الزراعي يزيد من شعورهم بالقلق، خاصة أن هذه السواتر تغطي أجزاء واسعة من أرضه وتمنعه من فلاحتها.
وفي السياق ذاته، عبّر أحمد القاسم من بلدة كفرنبودة عن معاناته المستمرة مع حرمانه من أرضه رغم مرور سنوات على التحرير، موضحًا أنه كان يأمل بالعودة إلى زراعتها بعد توقف المعارك، إلا أنه وحتى اليوم، ومع بداية موسم زراعي جديد، لا يزال عاجزًا عن استثمار أرضه بسبب بقاء السواتر والألغام التي تهدد سلامته.
وأشار إلى أن هذا الوضع لا يخصه وحده، بل يشمل عددًا كبيرًا من المزارعين الذين يترددون في العودة إلى أراضيهم، خوفًا من وقوع إصابات أو خسائر جديدة، مؤكدًا أن الخطر لا يزال قائمًا وأن ما يعيشه المزارعون في المنطقة يشكّل كارثة حقيقية على مستوى الأمن الغذائي.
وختم حديثه بكلمات تعكس ألمًا عميقًا، قائلاً إنه لم أتمكن من زراعة أرضي منذ أكثر من خمس عشرة سنة بسبب النزوح، وأن كل موسم زراعي يمر عليه يزيد من شعوره بالحسرة، معبرًا عن أمله بأن تُزال العوائق قريبًا ليعود مع المزارعين إلى حقولهم التي باتت حلمًا مؤجلاً في انتظار ظروف أكثر أمنًا.
يعدّ سهل الغاب في ريف حماة الغربي من أهم المناطق الزراعية في سوريا، ويتميّز بتربته الخصبة وموارده المائية الغنية، ما جعله لعقود سلة غذاء رئيسية للبلاد. لكن منذ اندلاع الصراع السوري، تحوّل السهل إلى ساحة معارك طاحنة، لا سيما بين عامي 2015 و2019، حيث شكّل خط تماس مباشر بين قوات المعارضة والنظام، وأدى ذلك إلى تدمير واسع في بنيته التحتية الزراعية والخدمية.
اليوم، وعلى الرغم من سقوط النظام، توقف المعارك، ما يزال أكثر من 700 دونم من الأراضي خارج الخدمة الزراعية، بفعل انتشار الألغام والسواتر الترابية ومخلفات الحرب، بحسب تقارير ميدانية. وقد قدرت كميات الركام والسواتر التي تحتاج للإزالة بأكثر من مليون متر مكعب، بينما تبقى إمكانيات الجهات الخدمية المحلية محدودة أمام هذا العبء.
جهود إزالة الألغام مستمرة منذ عام 2021، حيث أُعلن عن إتلاف مئات الأطنان من المخلفات المتفجرة، لكن خطرها لا يزال قائمًا، ويمنع المزارعين من العودة إلى أراضيهم. ترافقت هذه الأزمة مع غياب مشاريع إعادة الإعمار والدعم الزراعي، ما عمّق الأثر الاقتصادي على السكان المحليين، وترك مساحات شاسعة من الأرض الزراعية الخصبة رهينة للإهمال والخطر.









