في قرى عفرين شمال غربي حلب، يتفاقم وضع التعليم إلى مستوى يوصف بأنه “الأشد مأساوية منذ سنوات”، وفق ما يرويه المعلم عبد الرحمن التقي في حديث خاص لـ”سوريا 24″، حيث تتراكم المشكلات على المعلمين والطلاب معًا، من نقص الكوادر إلى غياب الكتب وتأخر الرواتب، في مشهد ينعكس مباشرة على مستقبل الطلاب
يقول التقي إن جميع المدارس في منطقة راجو والقرى المحيطة “تحتاج اليوم إلى شواغر واسعة”، بعدما جرى نقل عدد كبير من المعلمين ضمن التنقلات الداخلية والخارجية، ما ترك كل مدرسة أمام “فراغ هائل” في الكادر التعليمي.
ويضيف: “الأسبوع القادم سيُستكمل نقل ما تبقى من المعلمين، ما يعني مزيدًا من النقص… مدارس كبيرة بلا معلمين كافين، ومدارس أخرى تعتمد على دمج الصفوف بشكل ظالم للطلاب والمعلمين معًا”.
رواتب قليلة… وتأخير متكرر
إحدى أعمق الأزمات التي تواجه المعلمين اليوم هي مسألة الرواتب. فبحسب التقي، كان الكادر التعليمي سابقًا تابعًا للحكومة التركية، إلا أن ملف التعليم في منطقة غصن الزيتون نُقل مؤخرًا إلى “الدولة السورية والحكومة الجديدة”، ما انعكس اضطرابًا كبيرًا على الرواتب.
يشرح التقي: “الراتب يُرسل لنا بالليرة السورية ، ثم يُعاد تحويله لليرة التركية لأنه يتم التعامل بها في المنطقة إلى حد الآن، وهذا التحويل يتسبب بخسارة جزء من الراتب، واليوم يتقاضى المعلم ما بين 90 و97 دولارًا فقط”. ويشير إلى تأخر الرواتب بشكل واضح: “حتى الآن، لم يصل راتب الشهر … التأخير مستمر ولا أحد يقدّم تفسيرًا”.
هذا الدخل الضئيل حسب معلمون حدثنا إليهم في القرى لا يغطي حتى تكاليف المواصلات اليومية، كما يقول أحدهم : “بعض المعلمين ينتقلون من قرية إلى أخرى، ويدفعون ثمن البنزين من رواتبهم الضئيلة أصلًا”.
كتب غير متوفرة ودمج صفوف يزيد الكارثة
الأزمة لا تتوقف عند الرواتب والكوادر؛ إذ تعاني معظم مدارس منطقة راجو ونواحيها من نقص شديد في الكتب المدرسية. ويقول التقي: “أنا أدرّس في مدرسة تضم صفوفًا من الأول حتى الخامس… ولا توجد كتب. ماذا سأعطي الطلاب؟”.
ويصف المعلم واقع العملية التعليمية بأنه “عبثي”، موضحًا: “أنا مضطر لإعطاء الدروس لخمسة صفوف مختلفة بلا كتب، بلا منهاج واضح… الصف الأول والثاني مظلومون، والصفان الخامس والسادس مستواهم متراجع لأن المعلومات التي تصلهم بلا انتظام”.
ويضيف: “دمج الصفوف يخلق فجوة خطيرة نضطر لجمع الطلاب في صف واحد بسبب قلة عدد المعلمين في المدرسة”.
“لا تعليم أسوأ من هذا”… ومعلم براتب لا يتجاوز 97 دولارًا
يلخّص التقي صورة الوضع قائلاً: “التعليم هنا في أسوأ حالاته… لا كتب، رواتب قليلة، نقص معلمين، وقرارات غير واضحة”. ويشير إلى المفارقة الكبيرة في الرواتب: “أقل موظف في أي مؤسسة حكومية يتقاضى بين 250 و500 دولار… بينما معلم الصف في عفرين يحصل على 95 أو 97 دولارًا”.
ويختم قوله لـ”سوريا 24″: “الوضع مأساوي بكل معنى الكلمة… والطلاب يدفعون الثمن الأكبر”.









