يعيش سكان الحجر الأسود في ريف دمشق عزلة رقمية خانقة، بعد أن تحوّلت المنطقة إلى مساحة شبه خالية من التغطية الخلوية، نتيجة تدمير أبراج الاتصالات ونهب المعدات خلال سنوات الحرب. ومع غياب أي شبكة فعالة، لا يستطيع الأهالي إجراء مكالمة هاتفية بسيطة أو استخدام الإنترنت داخل معظم الأحياء.
علاء، طالب جامعي من أبناء الحي، يقول إن مركز الاتصالات المحلي “تدمّر بالكامل تقريبًا”، ما جعل الكوابل الرئيسية والفرعية خارج الخدمة: “حتى لو وقفنا فوق السطوح لا تصل الشبكة، لا يوجد أبراج، والمركز لم يعد صالحًا لشيء”.
ويشير إلى أن الوعود التي تلقاها السكان من شركات الاتصالات بإعادة بناء الأبراج أو ترميمها “ما زالت كلامًا فقط”، مضيفًا أن دراسة لمد كابل ألياف ضوئية (فايبر) موجودة بالفعل، لكنها تتحرك ببطء شديد بسبب الواقع المدمر للحي وقلة الموارد.
الإنترنت الهوائي… حل باهظ يبتلع رواتب الأهالي
مع غياب سيريتل وMTN عن المنطقة كليًا، وجد السكان أنفسهم مجبرين على اللجوء إلى الإنترنت الهوائي كحل بديل. يقول علاء إنه اضطر لدفع 520 ألف ليرة لتركيب خط هوائي، مع اشتراك شهري قدره 100 ألف ليرة، مضيفًا: “اللي معه مصاري بيمشي حاله… واللي ما معه ما عنده نت ولا تواصل”.
وتتراوح الاشتراكات الشهرية بين 75 و175 ألف ليرة حسب الباقة، بينما تصل تكلفة تركيب صحن إنترنت على سطح المنزل إلى مليون ونصف ليرة، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم العائلات التي خرجت من الحرب بمدخول ضعيف وفرص عمل محدودة.
أم محمد، وهي أمّ لطلاب مدارس، تقول إن ضعف الإنترنت ينعكس مباشرة على تعليم أولادها: “الواجبات ما بيقدرو يحمّلوها، والاتصال بالمدرسة بيقطع… ما عاد نعرف كيف بدهم يتعلموا بدون نت”.
“بدنا شبكة… مو وعود”
يطالب الأهالي بخطوات فورية تشمل إعادة بناء الأبراج، تركيب بطاريات ومولدات لضمان استمرار الخدمة، وتنظيم أسعار الإنترنت الهوائي.
أبو وسيم، أحد سكان الحي، يخلص المعاناة بقوله: “صرنا معزولين عن العالم. الإنترنت مو رفاهية… صار حاجة يومية لنشتغل ونتعلم ونتواصل”.
يعيش الحجر الأسود اليوم عزلة رقمية تزيد من القلق اليومي للسكان، وتحرمهم من حق أساسي في الاتصال والتعلم والعمل، بينما تبقى الحلول بطيئة والوعود معلقة، في انتظار خطوة فعلية تعيد لهذا الحي تواصله مع العالم.









