المصرف المركزي يعلن عودة سوريا إلى “سويفت”.. التأثيرات الاقتصادية المرتقبة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، اليوم الجمعة استئناف العمل بنظام المدفوعات الدولي سويفت (SWIFT) بعد انقطاع دام 14 عاماً، مؤكداً أن المصرف وجّه اليوم أول رسالة رسمية إلى جميع مراسليه حول العالم عبر الشبكة المالية الدولية، في خطوة تُعدّ من أهم التحولات التي يشهدها القطاع المصرفي السوري منذ بداية العقوبات.

وأوضح الحصرية أن هذه الخطوة تشكّل محطة أساسية في إعادة دمج النظام المالي السوري ضمن المنظومة المصرفية العالمية، فهي تُعيد التواصل المباشر بين المصرف المركزي والمؤسسات المالية الدولية بعد عزلة قاربت العقدين. وقد تم إرسال أولى الرسائل إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك، حيث تم تأكيد الاستلام، ما يعني فعلياً عودة سوريا إلى قنوات التراسل المالي الدولي وفق المعايير المعتمدة عالمياً.

وأشار الحصرية إلى أن المصرف عمل خلال الأشهر الماضية على إعادة تأهيل كوادره الفنية عبر برامج تدريب مكثفة لتعويض نقص الخبرات الناتج عن التقاعد، وتأمين فريق قادر على تشغيل النظام بكفاءة عالية. كما أكد أن عودة سويفت ستسمح للمستثمرين بتحويل رؤوس الأموال وجلب الأرباح وقيم المستوردات بسهولة، إضافة إلى تمكين المودعين من استقبال الحوالات الخارجية بشكل طبيعي، بما يعيد للمصرف دوره الطبيعي في إدارة العلاقات المالية الخارجية.

وفيما يتعلق بالانعكاسات الاقتصادية المباشرة، شدد الحصرية على أن استئناف العمل بسويفت يمنح سوريا فرصة لإعادة توظيف احتياطاتها الخارجية والحصول على عوائد منها، إضافة إلى البدء بإجراءات استعادة الأموال المجمّدة في الخارج. كما أكد إحراز تقدّم كبير في تطوير منظومة مكافحة غسل الأموال، وإرسال طلب رسمي لفتح حساب خاص بالمصرف لدى الاحتياطي الفيدرالي وتعيين مستشارين لمتابعة الملف.

مؤكداً أن ما جرى اليوم يشكّل بداية مسار جديد يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويدعم خطط التعافي.

ما هو نظام سويفت؟ ولماذا كان توقفه مشكلة كبرى لسوريا؟
نظام SWIFT هو شبكة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، ويربط أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة، ما يجعل منه العمود الفقري للتحويلات المصرفية الدولية. تعتمد عليه البنوك لتبادل الرسائل المالية وإجراء المدفوعات عبر الحدود بطريقة آمنة وسريعة وموثوقة.

انقطاع سوريا عن سويفت منذ العام 2011 خلق عوائق كبيرة أمام الاقتصاد، أبرزها صعوبة تحويل الأموال من وإلى البلاد، وغياب التواصل المباشر مع المصارف المراسلة، وتقييد حركة التجارة والاستيراد، وارتفاع كلفة التحويلات عبر وسطاء، إضافة إلى بطء كبير في عمليات الاستيراد والتصدير. ونتيجة لذلك، شكل غياب النظام عائقاً أساسياً أمام المستثمرين والقطاع الخاص والمصارف العاملة في سوريا، ما أدى إلى تجميد جزء كبير من الحركة الاقتصادية.

ماذا يعني عملياً عودة سوريا إلى نظام سويفت؟
عودة سوريا إلى النظام المالي الدولي تحمل دلالات اقتصادية وسياسية عميقة. فهي أولاً تُعيد دمج البلاد في الشبكة المصرفية العالمية، وتُرسل إشارة واضحة على انتهاء مرحلة العزلة المالية. كما تسمح للمستثمرين والتجار بإجراء التحويلات الخارجية دون الحاجة إلى وسطاء مكلفين أو طرق غير آمنة، وتوفر قناة قانونية لدخول رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية المهاجرة.
وتدعم هذه العودة التجارة الخارجية عبر خفض تكاليف الاستيراد والتصدير وتسريع عمليات الدفع بين الشركات، كما أنها تعزّز مصداقية القطاع المصرفي السوري أمام المؤسسات الدولية. ويُضاف إلى ذلك فتح الباب أمام استعادة الأموال السورية المجمّدة في الخارج، وهو ملف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعودة الاعتراف الدولي بالمراسلات المالية السورية.

يمثل استئناف عمل نظام سويفت في سوريا حدثاً اقتصادياً مفصلياً، يتجاوز كونه خطوة تقنية إلى كونه إعلاناً رسمياً عن بدء مرحلة جديدة من إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي. تصريحات حاكم المصرف المركزي تعكس توجهاً واضحاً نحو إعادة بناء الثقة المحلية والدولية، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وتهيئة بيئة استثمارية أكثر جذباً للمستثمرين السوريين والأجانب.

ورغم رمزية الحدث، إلا أنه يحمل تأثيرات عملية مباشرة ستظهر خلال الشهور المقبلة، مع توسّع العلاقات المالية، وانخفاض تكاليف التحويلات، وتسريع عجلة الاستيراد والتصدير، وخلق بيئة محاسبية وقانونية تتوافق مع المعايير الدولية.

عودة سويفت ليست نهاية الطريق، بل هي بداية مرحلة اقتصادية جديدة لسوريا، تُعيد وصل البلاد بالعالم بعد سنوات طويلة من الانقطاع.

مقالات ذات صلة