حمورية بلدة يثقلها العجز الخدمي منذ أكثر من عقد، حيث لا ماء يصل إلى البيوت، ولا كهرباء تكفي ساعات النهار، وشبكات متهالكة تشبه تمامًا ذاكرة الحرب التي لم تندمل بعد. وفي ظل غياب أي حلول فعلية من الجهات المسؤولة، يستمر الأهالي في دفع ثمن الحرمان وحدهم، بينما تتسع الفجوة يومًا بعد يوم بين حمورية وبلدات مجاورة تنعم بخدمات أساسية لا يجد منها سكان البلدة سوى الوعود.
في حديث خاص لـ”سوريا 24”، يصف وسام الغوطاني، أحد أبناء حمورية، مشهد البلدة اليوم بأنه خارج شروط الحياة الأساسية، مضيفًا أن “الخدمات معدومة بالكامل، ومنذ سنوات نطالب بتركيب الأسلاك الكهربائية، وحتى الآن لا توجد استجابة، رغم أن أكثر من 85% من شبكة الكهرباء في البلدة بحاجة إلى استبدال كامل”.
ويشير الغوطاني إلى أن مكتب الطوارئ في حمورية لا يوجد فيه سوى شخص واحد فقط، والمكتب بلا كادر وبلا إمكانات، فيما تبقى شبكة المياه متوقفة منذ عام 2013، ما يعني أن البلدة تعيش لأكثر من 12 عامًا بلا مصدر مياه رسمي.
ويتابع: “الكهرباء مقطوعة منذ يومين تقريبًا، وإن جاءت فلا تتجاوز 5 ساعات يوميًا، بينما بلدات قريبة تصلها نحو 10 ساعات. المسؤولون يقولون إنه لا يوجد دعم من الدولة، ونسمع وعودًا فقط، فيما يدفع المواطن الفاتورة دون أن يحصل على خدمة حقيقية”.
غياب المياه، انقطاع الكهرباء، انعدام الهاتف الأرضي، وطرقات محفرة… كلها تفاصيل يصفها الأهالي بأنها واقع خانق لا يشبه سوى سنوات الحصار، ويتساءلون: هل الخلل من مسؤولي البلدة أم إهمال متعمد؟
ويضيف أحد أبناء البلدة في حديثه إلى “سوريا 24”:
“نحن لم نعد ننتظر الفرج… صبرنا 14 سنة، تحملنا قصفًا وحصارًا وتهجيرًا، حتى يصبح صوتنا مسموعًا، والآن ننتظر كتابًا رسميًا من البلدية يؤكد أن المحافظة لم تقدم شيئًا، حتى نعرف من نراجع ومن نطالب”.
ويروي سكان آخرون جانبًا من المعاناة اليومية: قبل شهرين، جاءت الكهرباء ساعتين فقط طوال الشهر. شبكات المياه لا أحد يتحدث عنها، والكهرباء عبارة عن أعطال متواصلة، ولا يوجد سوى شخصين لإصلاح أعطال بلدة كاملة. حتى إن الكلاب الضالة تنتشر في الشوارع، وأكوام القمامة تتجمع أيامًا دون رفع.
وفي حارة الطاحون، يؤكد الأهالي أنهم لم يروا الكهرباء منذ ثمانية أيام، رغم الوعود بتركيب محولة جديدة، قائلين بسخرية: لو كانوا يوصلون الكهرباء من سد الفرات لانتهت قبل هذا الوقت.
أحد السكان يلخص الوضع بمرارة: في حمورية لا توجد شبكة مياه، ولا شبكة كهرباء محترمة؛ مجرد وصلات كل عدة أمتار. لا هواتف أرضية، والطرقات مقرفة، ترقيعات لا تصمد، ومطبات كل عشرة أمتار… بينما البلدات المجاورة مثل سقبا أفضل منا بكثير.
تواصلت منصة “سوريا 24” مع شركة كهرباء ريف دمشق للوقوف على أسباب وضع الكهرباء في حمورية، والتي أكدت أنها تتابع بشكل مستمر أوضاع الشبكة الكهربائية في مناطق الغوطة الشرقية، ولا سيما في البلدات التي تعرضت خلال سنوات الحرب لتدمير واسع في البنية التحتية، وعمليات سرقة وقطع في خطوط الشبكات، مثل بلدة حمورية وعدد من البلدات المجاورة.
وأوضحت الشركة أن أعمال التأهيل الجارية تشمل صيانة الشبكات والمحولات وإعادة مد الخطوط المتضررة، وهي عمليات معقدة تتطلب وقتًا نظرًا لحجم الدمار الذي لحق بالبنية الكهربائية في تلك المناطق. ومع ذلك، فإن ورشات الصيانة تعمل بشكل يومي على معالجة الأعطال الطارئة وتحسين قدرة المحولات القائمة، بالتوازي مع استبدال الأقسام المتضررة من الشبكة.
وتلفت الشركة إلى أن المواطنين قد لا يلمسون التحسن بشكل فوري نظرًا لطبيعة العمل الفني وتعدد المراحل التي تمر بها عمليات الإصلاح، لكنها تؤكد أن الأعمال تتقدم بوتيرة جيدة، وأن النتائج الإيجابية ستظهر تدريجيًا خلال الفترة المقبلة.
وختمت بالتأكيد على التزامها الكامل بتحسين واقع الكهرباء في الغوطة الشرقية، وأن خطط التأهيل الموضوعة ستسهم في رفع معدل الاستقرار الكهربائي وتحسين جودة الخدمة في أقرب وقت ممكن.
وكانت “سوريا 24” قد تناولت قبل نحو شهر ملف تدهور وضع الكهرباء والخدمات في حمورية، ورغم ذلك لم تتخذ الجهات المعنية أي خطوة فعلية لمعالجة الأزمة حتى اليوم، وفق ما يؤكده الأهالي.









