التعليم في الرقة بين مدارس الإدارة الذاتية والتعليم الخاص

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يواجه قطاع التعليم في محافظة الرقة تحولات عميقة أثرت بشكل مباشر في الطلاب والمعلمين والأسر. وأوضح مصدر مسؤول في لجنة التربية والتعليم في الرقة، في تصريح لمنصة “سوريا 24”، أن المدارس التابعة للإدارة الذاتية تعاني تراجعًا واضحًا بسبب النقص الكبير في البنية التحتية، وغياب الرقابة الفاعلة، وفقدان عدد من الكوادر التعليمية المؤهلة، ما دفع نسبة واسعة من الطلاب إلى الاتجاه نحو التعليم الخاص.

وبيّن المصدر أن تدني أجور المعلمين دفع عددًا منهم إلى العمل في أكثر من معهد خاص لتعويض دخلهم، وهو ما تسبب في تفاوت كبير في جودة التعليم بين هذه المعاهد نتيجة ضعف الرقابة التربوية وغياب معايير واضحة للاعتماد والمناهج.

وفي السياق ذاته، عبّر أولياء الأمور عن قلقهم من ارتفاع رسوم التعليم الخاص، التي تراوحت بين 20 و75 دولارًا شهريًا للطالب، تبعًا للخدمات المرافقة مثل النقل والوجبات والوسائل التعليمية الحديثة والأنشطة الترفيهية. وقالت أم ميرا، والدة طفلة تدرس في أحد معاهد الرقة الخاصة، في تصريح لـ”سوريا 24”: “تكلفة التعليم الخاص مرتفعة جدًا بالنسبة إلينا، لكننا مضطرون لدفعها خوفًا من تدني مستوى التعليم في المدارس التابعة للإدارة الذاتية”.

وكشف المصدر لـ”سوريا 24” أن التعليم الخاص يواجه مجموعة من التحديات المتداخلة، أبرزها غياب الرقابة التربوية الكافية، ما أدى إلى تفاوت كبير في جودة التعليم بين المعاهد، وارتفاع الرسوم الدراسية بالمقارنة مع دخل الأسر المتوسطة، مما جعل التعليم الخاص حكرًا على الطبقة الميسورة. كما تعاني بعض المعاهد من ضعف واضح في البيئة المدرسية، سواء في البنية التحتية أو توفر الوسائل التعليمية الحديثة، إضافة إلى عدم وجود مناهج موحدة أو معايير اعتماد رسمية، وهو ما نتج عنه تفاوت كبير في مستوى التعليم المقدَّم. ويضاف إلى ذلك تأثير الظروف الاقتصادية والفقر، اللذين دفعا العديد من الطلاب إلى ترك الدراسة والانخراط في سوق العمل، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبلهم التعليمي والاجتماعي.

وأشار المصدر إلى أن التعليم الخاص أصبح بديلًا ضروريًا بعد تراجع أداء المدارس التابعة للإدارة الذاتية، لكنه لا يزال بحاجة إلى تنظيم أكبر يشمل الاعتراف الرسمي، والرقابة الأكاديمية، وتطوير مهارات الكوادر التعليمية. كما شدد على ضرورة إعادة تأهيل البنية التحتية للمدارس المتضررة، واستعادة دور دار المعلمين في الرقة كمركز تدريبي رئيس لرفع مستوى الكوادر التعليمية.

وأكد المصدر أهمية تطوير مهارات المعلمين عبر برامج تدريب حديثة تعتمد أساليب التعليم التفاعلي، إضافة إلى تقديم حوافز مالية تعزز استقرارهم. كما سلط الضوء على أهمية برامج الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب المتأثرين بالحرب، وتوفير منح دراسية خاصة للفتيات وذوي الاحتياجات الخاصة.

وتشير الإحصاءات إلى وجود 402 مدرسة مفعلة حاليًا في المحافظة، مقابل 512 قبل الحرب، ووصول عدد المعاهد والروضات الخاصة إلى نحو 200، فيما يُقدَّر عدد المعلمين غير المؤهلين في عام 2025 بأكثر من 4200 معلم.

وفي تصريحاتهم لـ”سوريا 24”، عبّر عدد من الأهالي عن ارتباكهم حيال الخيارات التعليمية المتاحة بسبب تفاوت جودة المعاهد الخاصة. وقال زيد العواد، والد أحد الطلاب: “ندفع مبالغ كبيرة كل شهر، لكننا لا نعرف إن كانت جودة التعليم حقيقية، لأن الرقابة غائبة بالكامل”.

كما أعرب عدد من الطلاب عن شعورهم بالضياع بين مدارس تعاني محدودية الموارد وتعليم خاص مكلف، آملين أن تبذل الجهات المعنية مزيدًا من الجهود لتحسين الواقع التعليمي وتوفير فرص متساوية لجميع الطلاب.

ويُظهر هذا الواقع حجم التحديات المتشابكة التي يواجهها قطاع التعليم في الرقة، والحاجة الملحة إلى تعاون واسع واعتماد آليات حديثة تضمن تعليمًا عادلًا وذا جودة للجميع.

 

مقالات ذات صلة