دير الزور: تصاعد جرائم السرقة يثير مخاوف مجتمعية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

شهدت مدينة دير الزور، في الآونة الأخيرة، تصاعداً ملحوظاً في وتيرة جرائم السرقة، لا سيما تلك التي تُرتكب بطريقة منظمة عبر تحطيم جدران المحال التجارية والدخول إليها ليلاً، مستغلّةً غياب الرقابة الأمنية وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

وتنامت موجة القلق بين السكان، الذين باتوا يطالبون بتدخل عاجل لوقف الانفلات، عبر إجراءات من بينها تركيب كاميرات مراقبة في الشوارع والأحياء، وتكثيف الوجود الأمني، بل وفرض حظر تجوال مؤقت في بعض الأوقات.

حالة استياء شعبي واسعة

وفي هذا السياق، عبّر عبد الوهاب العمران، من سكان المدينة، في حديث لمنصة “سوريا 24″، عن حالة الاستياء الواسعة التي تعم مختلف شرائح المجتمع، موضحاً أن التذمر لم يعد قاصراً على فئة دون أخرى، بل بات يشمل الأطباء والمهندسين والمحامين وأصحاب المهن الحرة على حد سواء.

وقال العمران: “ثمة حملة واسعة وتذمر كبير، وصوتٌ عالٍ ضد الأجهزة الأمنية، بسبب استهتارها الواضح بالوضع الأمني، وهذا هو لسان حال الدكتور والمهندس والمحامي وسائر شرائح المجتمع، الذين يشعرون بخيبة أمل عميقة إزاء الفساد المستشري، وعدم الاهتمام بقضايا المواطنين وهمومهم اليومية”.

وأضاف، مشيراً إلى عمق الأزمة واتساع آثارها: “أما عن الانعكاسات، فالأمر لا يحتاج إلى وصف طويل؛ فلو جلستَ في المدينة ثلاثة أيام فقط، لاستطعتَ تلخيص قواميس وموسوعاتٍ كاملة في توصيف الواقع”.

قلق لدى أصحاب المشاريع الصغيرة

وأوضح أن بعض أصحاب المشاريع الصغيرة باتوا يضطرون إلى إدراج تكاليف تركيب أنظمة المراقبة وبطارياتها ضمن موازنة المشروع الأساسية، كشرطٍ للاستمرار، قائلاً: “الذي يقرر فتح مشروعٍ اليوم، عليه أن يضع ميزانيةً مخصصةً لتركيب الكاميرات وبطارياتها ضمن مخطط المشروع من البداية؛ وإلا فلا يمكن ضمان استمراريته”.

ثم تساءل: “كيف يُمكن للجناة أن يتجوّلوا بحرية في الشوارع والأزقة، بينما تعمّ الظلمةُ الأحياء، وتخشى الناس الخروج من منازلها، والكهرباء منقطعة منذ ثلاثة أيام دون رادعٍ يردع المجرمين؟ إنه لمن الضروري إنشاء نقاط أمنية ثابتة في هذه المناطق، وتركيب كاميرات مراقبة على مدار الساعة”.

واختتم مداخلته باقتراحٍ عملي، رآه وسيلة فعّالة لاحتواء الوضع في المدى القريب: “إن أفضل حلٍّ في هذه المرحلة هو فرض حظر تجوال مؤقت، من الساعة الثانية عشرة ليلاً حتى السادسة صباحاً، ولعلّ تطبيقه في دير الزور خصوصاً سيكون له أثر ملموس في وقف هذه الموجة الإجرامية”.

على رأس أولويات الجهات الأمنية والمحلية

من جانبه، أكّد رئيس مجلس مدينة دير الزور، ماجد حطّاب، أن الموضوع بات على رأس أولويات المجلس والجهات الأمنية، مشيراً إلى أن جلسةً تشاوريةً عُقدت قبل أيام مع مسؤولين أمنيين لبحث سبل التصدي لهذه الظاهرة المقلقة.

وقال حطّاب في حديث لمنصة “سوريا 24”: “لقد ناقشنا هذا الملف مع الجهات الأمنية منذ عدة أيام، وتبين أن هناك تحديات جوهرية تواجه العمل الأمني في المدينة، منها: عدم وجود كادر أمني كافٍ لتغطية مساحة المدينة وسكانها، وضعف أو انعدام التقنيات المساعدة الضرورية لكشف الجرائم والقبض على مرتكبيها، إضافة إلى قلّة التعاون من بعض المواطنين مع الأجهزة الأمنية، فضلاً عن ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى فئةٍ من الأفراد”.

مخاوف من تحوّل الظاهرة إلى ثقافة مجتمعية

وأعرب عن مخاوفه من تحوّل الظاهرة إلى سلوك راسخ، قائلاً: “رأيي الشخصي أنّ ما نشهده يتجاوز كونه انفلاتاً أمنياً عابراً؛ فأنا أخشى، إن استمر الوضع على ما هو عليه، أن تتحوّل السرقة إلى ثقافة اجتماعية”.

مع ذلك، أشار حطّاب إلى خطوةٍ استباقية تم اتخاذها مؤخراً لتعزيز سرعة الاستجابة، وهي: إنشاء غرفة بلاغات أمنية مركزية عبر تطبيق “واتساب”، مرتبطة مباشرةً بكافة غرف العمليات الأمنية والخدمية — بما فيها الشرطة والمرور والدفاع المدني والهلال الأحمر والدوائر الخدمية — ما أتاح استجابةً سريعة وفعالة من العناصر الميدانيين عند تلقي البلاغات.

وختم بالتأكيد على أن الحل لا يكمن في البُعد الأمني وحده، بل يحتاج إلى شراكة مجتمعية حقيقية، فقال: “يلزمنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، توعية اجتماعية وشعبية شاملة، تُعيد غرس مفاهيم المسؤولية الجماعية، وتعزّز الثقة بين المواطن والجهاز الأمني، وتجعل من الحيّز العام مسؤوليةً مشتركةً لا يتحملها الأمن وحده”.

ووسط كل ذلك، فإن ما تشهده دير الزور اليوم هو اختبارٌ حقيقي لقدرة المؤسسات المحلية على استيعاب التحديات المعقدة التي تلي فترات النزاعات، واختبارٌ لوعي المجتمع وقدرته على المساهمة في صون أمنه. فالسرقة، إن لم تُواجه بحزم وبُعد وقائي شامل، قد تتحول، كما حذّر رئيس المجلس المحلي، من ظاهرة إلى ثقافة. وما يُطلب الآن ليس فقط أجهزة مراقبة أو دوريات ليلية، بل رؤية وطنية متكاملة تُعيد بناء دعائم الدولة المدنية: الأمن، العدالة، والعدالة الاجتماعية.

مقالات ذات صلة