ريف حلب: عودة خجولة لبلدة الشيخ هلال ومطالب بتأمين الخدمات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

شهدت قرية الشيخ هلال، شمالي حلب، عودة محدودة للسكان خلال الأشهر الأخيرة، بعد تسع سنوات من النزوح الكامل الذي بدأ في شباط/فبراير 2016 نتيجة العمليات العسكرية لقوات النظام و”قسد”.

ورغم استعادة السيطرة على القرية، ما تزال غير قادرة على استقبال معظم سكانها الأصليين، البالغ عددهم نحو 2000 نسمة، بسبب الدمار الواسع وغياب الخدمات الأساسية.

ويطالب الأهالي، إلى جانب اللجنة الخدمية المحلية، بإعادة إعمار المنازل والبنية التحتية، وتوفير الكهرباء والمياه والتعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى دعم القطاعات الزراعية والاقتصادية، لضمان استقرار حقيقي وعودة مستدامة.

عودة فردية بلا تغيير في البنية

أحمد مصطفى، أحد العائدين، أمضى سنوات النزوح في إدلب وعفرين وإعزاز، قبل أن يعود إلى الشيخ هلال، ويقول لموقع “سوريا 24” إن قرار العودة لم يكن نتيجة تحسّن في الخدمات، بل بسبب تدهور أوضاع المخيمات.

عند وصوله، وجد منزله “مهدّماً بالكامل”، ولم يحصل على أي دعم من جهة رسمية أو إنسانية، ما دفعه لترميمه بجهده الخاص، ودفع تكاليف مالية باهظة لكي يحظى بجزء من حياة كريمة، بعيدة عن خيمة بلا جذور في مخيمات الشمال.

مصطفى يضيف أن فرص العمل داخل القرية شبه معدومة، وأن جزءاً كبيراً من السكان يعتمد على أعمال خارجها، أو على تربية المواشي والزراعة بصورة محدودة، في ظل غياب أي برامج لدعم الاقتصاد المحلي.

ويطالب مصطفى في ختام حديثه المنظمات الإنسانية بتقديم الدعم اللازم لسكان القرية، لتثبيتهم في أرضهم، عبر دعم الموارد الزراعية، وإعادة تعبيد الطرقات.

مياه متوفرة للعائدين… وكهرباء معدومة

وتتطابق شهادة محمد حمزة مع مصطفى في وصف الواقع المزري للقرية من ناحيتي غياب الخدمات، وعدم توفّر فرص العمل، ويقول حمزة لموقع “سوريا 24” إن العودة إلى القرية ما تزال محدودة للغاية، وإن ما يقارب 80% من الأهالي يعيشون في المخيمات أو مناطق النزوح بسبب عدم قدرتهم على ترميم منازلهم.

ويشير إلى أن المياه متوفرة “بشكل كافٍ للعائدين الحاليين”، لكنه يستبعد أن تغطي الحاجة في حال عودة جميع السكان، مشيراً إلى عدم توفّر الكهرباء بعد تعرض الشبكة ومحطة التغذية للدمار الكامل، إذ يعتمد الأهالي على الطاقة الشمسية بشكل فردي.

وبحسب حمزة، فإن خدمات النظافة تتم مرة أو مرتين أسبوعياً، بينما تبقى الطرقات غير مؤهلة، ما يعرقل الحركة داخل القرية، ويفرض قيوداً إضافية على الحياة اليومية.

ويطالب حمزة في ختام حديثه بأن يكون هناك توزيع عادل لموارد التنمية في المحافظة والمنظمات على القرى الأكثر تضرراً خلال سني الثورة، وأن يُخصّص جزء من المشاريع للقرية كي يتمكن السكان من الاستقرار في قريتهم.

أضرار شاملة بالأرقام

المحامي عبد الغني شوبك، رئيس اللجنة الخدمية في الشيخ هلال، يقدّم تقديرات دقيقة لما تعرّضت له القرية، ويقول لموقع “سوريا 24” إن نسبة الدمار بلغت 100%، وشملت جميع المنازل، والمدرسة، والجامع، والمصلّى، وشبكة المياه، وشبكة الصرف الصحي، وشبكة الهاتف الأرضي، إضافة إلى الشبكة الكهربائية ومحطة التغذية التي تعرّضت للنهب الكامل بما في ذلك الأعمدة والكابلات والأجهزة.

ويضيف شوبك أن القرية فقدت جزءاً من محاصيلها الدائمة، إذ بلغت نسبة قطع الأشجار المثمرة 25%، ما أدى إلى خسائر زراعية إضافية. أما على مستوى السكان، فيشير إلى أن ربع الأهالي فقط عادوا، بينما ما يزال ثلاثة أرباعهم خارج القرية، معظمهم في الخيام أو مناطق النزوح.

بنية تعليمية هشّة وخدمات صحية غائبة

ووفقاً لشوبك، فإن المدرسة الوحيدة في القرية كانت مدمرة بالكامل، وتم وضعها في الخدمة بجهود محلية، إلا أنها بحاجة إلى توسعة وسور وملعب وتجهيزات تعليمية أساسية كالكتب والطاولات والخزائن.

أما الخدمات الصحية فغير متوفرة بصورة كاملة، إذ لا يوجد أي مركز طبي أو نقطة إسعاف داخل القرية، ويتم التعامل مع الحالات الطارئة عبر نقل المرضى إلى تل رفعت أو إعزاز أو حلب، مؤكداً أن هشاشة الواقع الطبي في البلدة تسهم في تأجيل علاج المرضى وفقدان السيطرة على الحالات الحرجة.

مطالب واضحة لتحويل العودة إلى استقرار

يقول شوبك إن جهود القرية تُدار بشكل تطوعي عبر لجنة خدمات محلية بالتنسيق مع مجلس كفرنايا، لكن دون أي استجابة رسمية من قبل الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية حتى الآن، محدداً ما يعتبره متطلبات أساسية وليست رفاهية:

إعادة إعمار المنازل المدمّرة بالكامل للعائلات النازحة.

استكمال إصلاح شبكة المياه والصرف الصحي بدل العمل الجزئي الحالي.

إعادة بناء شبكة الكهرباء أو توفير منظومة بديلة موحدة.

تأمين نقطة طبية أو مستوصف داخل القرية.

إصلاح الطرق الداخلية والطريق الرئيسي الواصل بين تل رفعت وكفرنايا.

دعم القطاع الزراعي مباشرة عبر توفير الأسمدة والأدوية والبذار.

استكمال ترميم المسجد، وتوسعة المدرسة، وبناء سور وملعب لها.

ويختتم شوبك حديثه بالتشديد على أن الأولوية يجب أن تُمنح للمناطق الأكثر دماراً، مضيفاً: “الشيخ هلال ليست حالة تحسين خدمات، بل حالة إعادة بناء من الصفر. دون ذلك، لا يمكن الحديث عن عودة أو استقرار”.

مقالات ذات صلة