اختتمت حملة “البصر” المجانية مرحلتها الثالثة في مدينة حمص بعد أن نجح الفريق الطبي بإجراء 440 عملية لساد العيون (الماء الأبيض)، ما أعاد الأمل لمئات المرضى الذين كانوا يعانون من ضعف شديد في الرؤية أو فقدانها شبه الكامل.
الحملة التي جاءت بالتعاون بين منظمة الأطباء المستقلين ومنظمة البصر العالمية، وبرعاية وزارة الصحة، استهدفت الشرائح الأكثر هشاشة ممن أعاقتهم الظروف المعيشية عن إجراء هذا النوع من العمليات التي تُعد باهظة التكلفة مقارنة بمتطلبات المرضى اليومية.
الدكتورة لمى نادر إدريس، مديرة مشفى العيون الجراحي في حمص، أكدت لـ”سوريا 24” أنّ هذا الإنجاز لم يكن مجرد رقم، بل “تحوّل حقيقي في حياة المرضى”
وقالت:”عمليات الساد ليست إجراءً بسيطاً للمريض. كثيرون فقدوا قدرتهم على العمل والتنقل ورؤية تفاصيل حياتهم اليومية. كل عملية من هذه العمليات كانت بمثابة استعادة لحياة كاملة”.
وأوضحت إدريس أن نسبة النجاح كانت عالية جداً، مشيرة إلى أن معظم المرضى كانوا يعانون من تطور كبير في عتامة العدسة بسبب تأخرهم في الحصول على العلاج، الأمر الذي جعل التدخل الجراحي ضرورة لإنقاذ ما تبقى من القدرة البصرية.
قصص تفيض بالمشاعر: دموع الفرحة تسبق الكلمات
ورغم أن الحملة حملت طابعاً طبياً بحتاً، إلا أن أروقة المشفى شهدت لحظات إنسانية عميقة، حسب ما روته الدكتورة إدريس، موضحةً أن دموع المرضى بعد فك الضماد كانت كافية لتقول كل شيء
وأضافت: هناك مسنٌّ استعاد نظره بعد سنوات، وكانت أول صورة شاهدها هي وجه حفيدته التي كان يسمع ضحكتها فقط. هذه اللحظات تُذكّرنا دائماً بضرورة استمرار مثل هذه الحملات.
كما تحدثت عن سيدة خمسينية كانت تخشى فقدان بصرها بالكامل، وبعد العملية “عادت لتبكي بحرقة، لكنّها دموع الفرح هذه المرة”، على حد قولها.
لم تنعكس نتائج الحملة على المرضى فقط، بل امتدت آثارها إلى أسرهم، إذ وفّرت لهم تخفيفاً كبيراً من الأعباء النفسية والمالية. فاستعادة ربّ أسرة أو أم أو مسنّ لقدرتهم على الرؤية يعني عودة تدريجية لقدرتهم على الاعتماد على أنفسهم والتفاعل مع محيطهم.
وأكد الفريق الطبي أن هذه الحملة جزء من سلسلة مستمرة تستهدف عدة محافظات، بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المرضى الذين ينتظرون دورهم في استعادة نظرهم.
في ختام الحملة، وجّهت الدكتورة إدريس دعوة لمواصلة دعم البرامج الإنسانية التي تُعالج أمراض العيون، خاصة في المناطق التي تشهد ضغطاً كبيراً على الخدمات الصحية.وقالت إن هذا النوع من المبادرات قد يُنقذ حياة إنسان من العزلة وينقله من عالمٍ ضبابي إلى آخر مليء بالألوان.
وبين نجاح طبي وآخر إنساني، رحل الفريق الطبي من حمص لكنه ترك خلفه مئات القصص التي استعادت النور بعد سنوات من العتمة، لتبقى هذه الحملة شاهداً جديداً على قدرة العمل الطبي التطوعي على تغيير حياة بأكملها.










