تتصاعد شكاوى الأهالي في القامشلي مع دخول فصل الشتاء بعد أن وصلت أسعار الملابس إلى مستويات تفوق قدرة معظم الأسر، ما جعل تأمين الاحتياجات الأساسية تحدّياً يومياً يضغط على الميزانيات المحدودة. ويأتي ذلك وسط تأكيد أصحاب المحال أن ارتفاع الأسعار مرتبط بتكاليف تشغيل وشحن متزايدة، في حين يرى السكان أن الوضع بلغ حداً غير مسبوق يستدعي حلولاً عاجلة.
تقول أم عيسى لـ سوريا 24 إنها تفاجأت عند زيارتها السوق قبل أيام بارتفاع كبير في أسعار الملابس الشتوية، موضحة: «سعر الكنزة لا يقل عن عشرين دولاراً، بينما يبدأ سعر البيجامة المتوسطة من ثلاثين دولاراً. احتياجات أطفالي الثلاثة تتطلب أكثر من مئة دولار لشراء قطع أساسية فقط، وهذا مبلغ يفوق قدرة أسرتنا التي لا يتجاوز دخلها الشهري 350 دولاراً». وتشير إلى أنها اضطرت للاتجاه نحو أسواق الملابس المستعملة بعد أن أصبحت الأسعار الجديدة خارج نطاق قدرتها المالية.
ويقول عبد الصمد، وهو سائق شحن داخلي، لـ سوريا 24 إن الأسعار هذا العام وصلت إلى مستوى غير معقول، مضيفاً: «وجدت أن سعر جاكيت جلدي غير أصلي يصل إلى 150 دولاراً، وحتى أبسط الجاكيتات لا يقل سعرها عن 45 دولاراً رغم ضعف جودتها. أصبح المستهلك أمام خيارين: شراء ما لا يستحق ثمنه أو مواجهة الشتاء دون لباس مناسب». ويؤكد أن الأسعار تكاد تكون موحدة في معظم المحال، ما يجعل البحث عن بدائل أكثر توفيراً أمراً صعباً.
أما كريم، موظف حكومي وأب لطفلتين، فيوضح لـ سوريا 24 أن موجة الغلاء الحالية تجاوزت كل السنوات الماضية، قائلاً: «حتى الملابس متوسطة الجودة أصبحت خارج قدرة الكثير من الأسر. جزء كبير من الرواتب يُستهلك في الأساسيات، ولم يعد بالإمكان تخصيص مبلغ كافٍ لشراء الملابس كما في السابق». ويرى أن اعتماد شريحة واسعة من الأهالي على أسواق البالة بات واقعاً مفروضاً.
في المقابل، يؤكد أصحاب المحال لـ سوريا 24 أن ارتفاع الأسعار ليس بيدهم، مشيرين إلى أن التكلفة النهائية تتأثر بعوامل عدة أبرزها تكاليف الشحن، وارتفاع إيجارات المحال، وكلفة الأمبيرات الكهربائية، وتذبذب سعر الصرف. ويشيرون إلى أن هامش ربحهم «محدود»، بينما الجزء الأكبر من السعر يذهب لتغطية تلك التكاليف المتراكمة.
أمام هذا الواقع، يجد سكان القامشلي أنفسهم أمام شتاء ثقيل الوطأة، مع اعتماد متزايد على الملابس المستعملة وتقليص المشتريات إلى الحد الأدنى، في انتظار أي انفراج يخفف من عبء الغلاء المتصاعد.
