مشاركة سوريا في منتدى الدوحة: ترسيخ لانعطافة إقليمية ودولية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

في سابقة هي الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، شاركت سوريا رسمياً في الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة (2025) بصفة دولة، لا كوفد معارض أو مستقل.

وشكّل حضور الرئيس أحمد الشرع، الذي تولى الرئاسة بعد تحولات سياسية داخلية، علامة فارقة في مسار تطبيع العلاقات السورية مع محيطها الإقليمي، ويُنظر إليه على أنه ترجمة لمسار إعادة الاندماج الذي تنتهجه دمشق منذ عام 2024، بالتزامن مع تغيّرات جيوسياسية في المنطقة.

وقد خيّم ملف سوريا على أعمال المنتدى كأحد أبرز الملفات السياسية التي نوقشت، إذ شارك فيه ممثلون عن نحو 160 دولة، من بينهم مسؤولون رفيعو المستوى من دول غربية وآسيوية وعربية، ما حوّل منصة الدوحة إلى ساحة دبلوماسية حيوية لعرض الرؤية السورية الجديدة.

تأكيد على الاستقرار ورفض التصنيفات الطائفية
ألقى الرئيس الشرع كلمة ركّز فيها على محورين رئيسيين: الأول داخلي، يتمحور حول تحقيق الاستقرار وبناء دولة المؤسسات؛ والثاني خارجي، يتعلق بموقف سوريا من الاحتلال الإسرائيلي وسعيها لانتزاع الدعم الدولي.

ومن أبرز ما جاء في كلمته: سوريا تحولت من منطقة مصدّرة للأزمات إلى نموذج للاستقرار، معتبراً أن الإجراءات التي اتخذناها صبّت في المصلحة العامة السورية، وساعدت على تهدئة الأوضاع بعد إرث ثقيل من النزاعات تركه النظام السابق.

وأكد أن كل الطوائف اليوم مشاركة في الحكومة دون مبدأ المحاصصة، ودعا إلى رفض تصنيف ما جرى في سوريا كـ«ثورة سنية»، معتبراً أن هذا التصنيف مغلوط ويهدد النسيج الاجتماعي.

أما على الصعيد الخارجي، فقد أعاد التأكيد على حق سوريا في استعادة الجولان المحتل، واصفاً إسرائيل بدولة تطارد الأشباح وتصدّر الأزمات.

رسالة تطبيع وانفتاح على العالم
الصحفي والباحث زياد المنجد وصف، في حديث لمنصة سوريا 24، مشاركة الرئيس الشرع بأنها حدث مهم ورسالة واضحة عن عزم القيادة السورية على استعادة موقع سوريا على الخريطة السياسية والاقتصادية، عربياً ودولياً.

ورأى أن هذه الخطوة تعزّز فرص إبرام شراكات مع قادة وصنّاع قرار في مجالات إعادة الإعمار، والأمن الإقليمي، والقضايا الإنسانية، وتمنح دمشق فرصة لتوضيح رؤيتها لبناء دولة مستقرة وشفافة.

من جهته، أكّد الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الزيارة مهمة بالنسبة للرئيس الشرع على صعيد تعزيز حضوره في المنتديات الإقليمية والدولية، وهي فرصة لإطلاع العالم على رؤيته لإدارة المرحلة الانتقالية، والتحديات التي تواجهها سوريا، وسبل التعامل معها.

وأضاف أن المشاركة تحمل رسائل مزدوجة: داخلية، لطمأنة السوريين على مسار الانتقال السياسي، ودولية، لإثبات أن سوريا شريك موثوق في مواجهة التحديات المشتركة، لا سيما التحدي الإسرائيلي، وفق تعبيره.

انعكاسات إقليمية ودولية
عربياً، تُقرأ المشاركة في سياق تكريس العودة السورية الكاملة إلى جامعة الدول العربية، وانسحاب الغموض الذي أحاط بموقف بعض العواصم من دمشق. وثمة مؤشرات على أن دول الخليج، ولا سيما قطر، تعيد ترتيب أولوياتها تجاه سوريا، انطلاقاً من مقاربة ترى في الاستقرار الإقليمي أولوية على الخلافات السياسية.

أما دولياً، فإن حضور الرئيس الشرع على منصة رفيعة كمنتدى الدوحة قد يسرّع عمليات إعادة التموضع الدبلوماسي، خاصة مع تزايد الإشارات الأوروبية إلى إمكانية إعادة تقييم سياسة العقوبات في حال تحقق تقدّم ملموس في ملفات مثل اللاجئين، ومحاربة الإرهاب، واحترام حقوق الإنسان.

ووسط كل ذلك، فإن مشاركة سوريا في منتدى الدوحة ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل لحظة تأسيسية في مسارها الجديد، فهي تعلن، بصوت عال، انتهاء مرحلة العزلة الطوعية أو القسرية، ودخول مرحلة الانخراط في النظام الإقليمي.

مقالات ذات صلة