إلغاء قيصر: تحول أميركي يعيد رسم مستقبل الاقتصاد السوري

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

أقرّ مجلس النواب الأميركي إلغاء “قانون قيصر” ضمن بنود مشروع موازنة الدفاع الوطني، بعد تصويتٍ بالأغلبية يوم الأربعاء، في خطوة تشكّل تحولاً لافتاً في مقاربة واشنطن للملف السوري.

ورغم أنّ الإلغاء مشروط بسلسلة تقارير دورية يقدمها الرئيس الأميركي إلى لجان الكونغرس خلال السنوات الأربع المقبلة، فإنّ القرار يعكس، وفق مراقبين، انتقال السياسة الأميركية من مرحلة “العقاب” إلى مرحلة “إعادة التمكين الاقتصادي” في سوريا الجديدة.

ويلزم القانون الإدارة الأميركية بتقديم تقرير أولي خلال 90 يوماً، ثم تقارير نصف سنوية، تتناول التزام سوريا بخطوات تشمل مكافحة التنظيمات الإرهابية، احترام حقوق الأقليات، الامتناع عن الأعمال العسكرية غير المنسقة مع دول الجوار، مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ملاحقة الجرائم ضد الإنسانية، والتصدي لملف تجارة المخدرات. وفي حال عدم استيفاء هذه الشروط في فترتين متتاليتين، يمكن إعادة فرض عقوبات محددة على جهات بعينها.

تغيّر في أولويات واشنطن

يقول الدكتور سامر الصفدي، عضو استشاري في التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار، في حديث لمنصة سوريا 24، إن قانون قيصر كان موجهاً أساساً ضد النظام السابق ورموزه، لكنه بعد سقوطه في كانون الأول 2024، تحوّل إلى عائقٍ جدي أمام إعادة إعمار البلاد بعد سنوات الحرب.

ويوضح أن الإدارة الأميركية رأت أن القانون لم يعد مناسباً للواقع الجديد، وأن الرئيس دونالد ترامب “يرغب في منح سوريا فرصة حقيقية للنهوض من جديد”.

وبحسب الصفدي، لعبت الجالية السورية الأميركية وغرفة التجارة الأميركية دوراً محورياً في دفع الكونغرس نحو الإلغاء، خصوصاً بعد لقاء الرئيس ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في أيار 2025.

وينقل الصفدي عن السفير الأميركي السابق توم باراك قوله إن قانون قيصر “أدّى غرضه الأخلاقي، لكنه اليوم يخنق شعباً بأكمله”.

ويعتبر الصفدي أن القرار يمثل تحولاً استراتيجياً في السياسة الأميركية نحو دعم سوريا الجديدة، مع المحافظة على المصالح الحيوية لواشنطن في المنطقة، والحد من النفوذين الروسي والإيراني عبر إعادة دمج سوريا في النظام الاقتصادي العالمي.

اتجاه اقتصاد جديد: فرص استثمارية بمليارات الدولارات

يفتح إلغاء قانون قيصر—مدعوماً بتراخيص وزارة الخزانة الأميركية مثل الترخيص العام GL25—الباب أمام عودة الشركات الأميركية والدولية بشكل واسع إلى السوق السورية، لا سيما في قطاعات الطاقة والبنى التحتية.

ويرى الصفدي أن القرار سيخلق “بيئة اقتصادية مرنة” تشجع الاستثمارات الضخمة وتسرّع مشاريع إعادة الإعمار، مع الإبقاء على عقوبات فردية تستهدف رموز النظام السابق فقط.

ويتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتهيئة ظروف مناسبة لعودة اللاجئين، وفتح تعاون اقتصادي مع دول عربية وغربية خلال المرحلة المقبلة.

كيف سينعكس رفع العقوبات على الليرة والأسواق؟

يقول محمد البكور، نقيب الاقتصاديين السوريين، في حديث لمنصة سوريا 24، إن قرار الإلغاء جاء نتيجة جهود دبلوماسية محلية وإقليمية، إضافة إلى تغير السياسة العامة لواشنطن وتبدل المشهد السياسي في سوريا.

ويؤكد أن القرار سيترك “انعكاسات إيجابية مباشرة” على سعر الصرف، ودخول الاستثمارات، وقدرة المصانع على العمل واستيراد المعدات، الأمر الذي سيساهم في خلق فرص عمل وتحسّن الأجور ورفع مستوى المعيشة.

ويضيف البكور أن المرحلة المقبلة تتطلب الاستعانة بخبرات اقتصادية متخصصة، ووجود جهة ناظمة لتنسيق العمل بين المؤسسات، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، بهدف ضمان نجاح إعادة تشغيل الدورة الاقتصادية.

ويتوقع البكور أن يؤدي رفع العقوبات إلى انخفاض واسع في أسعار السلع نتيجة القدرة على استيراد المواد الأولية والمعامل الحديثة، وعودة التقنيات التي كانت ممنوعة سابقاً، بما ينعكس مباشرة على حياة المواطن.

تعافٍ تدريجي وتوقعات بنمو مرتفع

تقدّر البيانات المتاحة أن الليرة السورية ستشهد تحسناً ملحوظاً خلال عام 2026، مدفوعة بإصدار عملة وطنية جديدة وعودة الثقة إلى القطاع المالي. كما يُتوقع نمو اقتصادي في السنة الأولى، بدعم من الاستثمارات الخليجية والعربية والدولية، إلى جانب إعادة الانضمام إلى نظام “سويفت” وعودة العلاقات المصرفية مع بنوك عالمية.

وقد تشهد سوريا تعافياً اقتصادياً واسعاً، يعيدها إلى مسار النمو المستدام، ويعيد ترتيب موقعها الاقتصادي في المنطقة بعد سنوات طويلة من الانهيار والعقوبات.

مقالات ذات صلة