في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها سوريا، تبرز محافظة طرطوس كواحدة من أبرز المناطق التي تدعو صراحةً إلى تعزيز السلم الأهلي، ونبذ كل أشكال الخطاب الطائفي.
فالمجتمع المحلي هناك، الذي يضم تراكيب ديموغرافية متنوعة، يؤكد أن استقرار المستقبل لا يُبنى إلا على أساس المواطنة والمساواة، وليس على الانتماءات الطائفية أو المناطقية.
وفي سياق لقاءات وطنية متعددة، ومنها زيارة وفد الساحل إلى دمشق، برزت مطالب شعبية ومؤسسية واضحة بضرورة تجريم الخطاب الطائفي، واعتباره جريمة تهدد النسيج المجتمعي واستقرار الدولة.
كفى تفرقة: نريد دولة المؤسسات والمواطنة
منذر فايز اسطفان، مسيحي، وصاحب مدرسة الأهلية للتعليم في طرطوس، قال في حديث لمنصة سوريا 24: “أنا مع الدعوة إلى تحريم الخطاب الطائفي ومحاسبة كل من يستمر بالتحدث به، لأنه يعزز التفرقة والبعد والكراهية بين أبناء الشعب السوري، وخاصة في طرطوس التي ولدنا وعشنا فيها إخوة متحابين، بعيداً عن طائفة كل واحد فينا”.
وأضاف: “على الدولة أن تأخذ دورها وتُفعّل أجهزتها وتعاقب كل من يتحدث بهذه اللغة، فالشعب يطلب العيش بأمن وأمان وحياة لائقة بالسوريين، وهذا لا يتحقق إلا بالتخلص من هؤلاء”.
وتابع: “إن استمرار بث الطائفية بين مكونات الشعب السوري له أثر سلبي قوي على حياتنا وعلى استقرار الأوضاع في سورية وعلى مستقبل أولادنا، ومن هنا أقول: كفى هذا الشعب ما عاناه خلال السنوات السابقة من ويلات الحروب والدمار والخراب”.
رسالة اسطفان تحمل بعداً تربوياً وإنسانياً، فهي تنبع من تجربة شخصية في بيئة تعليمية تُعتبر مرآةً للمجتمع، وتؤكد أن الانقسام الطائفي ليس جزءاً من الهوية المحلية، بل هو دخيل ومؤذٍ.
تعزيز قيم المواطنة ومفهوم الانتماء
من جهته، علي إسماعيل حسن، علوي، يعمل في مجال التعليم في طرطوس، قال في حديث خاص لمنصة سوريا 24:”أنا مع تجريم الخطاب الطائفي وتحريمه، لأنه يعبّر عن حالة انقسام داخل المجتمع، وأنا مع تعزيز مفهوم المواطنة، لأنه الأساس في بناء أي مجتمع”.
وتابع: “المطلوب تفعيل دور المؤسسات التربوية والاجتماعية، وحتى الدينية، لتعزيز قيم المواطنة وحب الوطن ومفهوم الانتماء أولًا للوطن، وليس لطائفة”.
ورأى أن: “استمرار الدعوات الطائفية سيؤدي إلى انقسام المجتمع وتخلفه”.
ومن خلال هذين الصوتين، المسيحي والعلوي، يظهر إجماع مجتمعي واضح في طرطوس: فالهوية الوطنية تعلو على الانتماءات الضيقة، والمستقبل يُبنى بالمشاركة، لا بالاستبعاد.
توافق وطني على أولويات الاستقرار
في تطور ميداني مهم، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، وفد ممثل عن مناطق الساحل السوري، بما فيها طرطوس، حيث قدم الوفد رؤيةً شموليةً لمطالب أهل المنطقة، في سياق حوار وطني يُفترض أن يُمهّد لمرحلة انتقالية مستقرة.
من أبرز مطالب الوفد:
– تجريم الخطاب الطائفي كأولوية قصوى لحماية النسيج المجتمعي.
– تجريم الجرائم الإلكترونية وتفعيل ضمانات **حرمة الدماء.
– إطلاق سراح الضباط والعسكريين الموقوفين، وحل قضية الموظفين المفصولين والمتقاعدين.
– دعم قطاعات الجيش والأمن والزراعة كركائز للاستقرار الاقتصادي.
– تحقيق العدالة ومحاسبة من ارتكب جرائم خلال الحرب.
– معالجة الوضع الاقتصادي والسياحي والزراعي.
– عودة النازحين وإغلاق آخر خيمة كشعار رمزي لإنهاء آثار النزوح.
– تهيئة البنية التحتية وإعادة الإعمار في المناطق المدمرة (مثل جبل الأكراد والتركمان).
يشار إلى أن مطلب تجريم الخطاب الطائفي ورد في قائمة المطالب المشتركة بين مختلف المكونات: علويين، سنة، مسيحيين، إسماعيليين، ما يعكس إدراكاً جماعياً بأن الطائفية ليست أداة سياسية فحسب، بل قنبلة موقوتة تهدد الوجود الوطني نفسه.








