يشهد عدد من أحياء مدينة دير الزور، وخاصة في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية، موجة من السرقات تستهدف مكونات البنية التحتية الأساسية، أبرزها أغطية فتحات الصرف الصحي (الريكارات) وكابلات الكهرباء.
ويرجع سكان محليون هذه الظاهرة إلى انتشار محلات بيع الخردة غير المرخصة، التي تتحول إلى محطات رئيسية لتصريف المسروقات، بدءًا من الأغطية المعدنية وانتهاءً بأسلاك النحاس عالية القيمة في السوق السوداء.
ويصف حميد الجاسم، أحد سكان دير الزور، الواقع في حديث لمنصة سوريا 24، بقوله:
“هناك حالات كثيرة لسرقة أغطية فتحات الصرف الصحي أو ‘الريكارات’، إضافة إلى سرقة كابلات الكهرباء، حيث يُباع كل هذا في محلات الخردة”.
شهادات مباشرة: “الخردة” تُدار مع معرفة بوجود مسروقات
تتفاقم المشكلة حين يشير عدد من المواطنين، ومنهم الجاسم، إلى أن بعض أصحاب محلات الخردة يعلمون مسبقًا بكون البضاعة مسروقة، ولا يترددون في شرائها نظير ثمن زهيد، خاصة ما يتعلق بأغطية الصرف الصحي التي تُصنع من الحديد الزهر أو الصلب المجلفن.
يقول أحد الأهالي، حسب الجاسم: “أكثر السرقات يشتريها بعض أصحاب محلات الخردة وهم يعرفون أنها مسروقة، وأكبر مثال أغطية الريكارات”.
ويعبر عنها عدد من سكان المدينة، معتبرين أن “الخانات”، وهو المصطلح الشائع محليًا على محال جمع الخردة، ليست مجرد نقاط بيع، بل أدوات رئيسية في ظاهرة “التعفيش”، التي طالت حتى أبواب المنازل وشبابيكها.
إجراءات رسمية: تشميع ستة محال مخالفة
وفي خطوة قد تُعد متأخرة ولكنها موضع ترحيب شعبي، نفذ قسم الأشغال في مجلس مدينة دير الزور، بالتعاون مع قسم الشرطة، حملة تفتيش في حي طب الجورة استهدفت محال جمع الخردة المخالفة، أي تلك التي تعمل دون ترخيص رسمي.
وأسفرت الحملة عن تشميع ستة محال، بعد التأكد من غياب التراخيص ووجود مؤشرات على ممارسة أنشطة مشبوهة، منها حيازة كميات كبيرة من الأسلاك النحاسية وأغطية معدنية مشابهة لتلك المستخدمة في شبكة الصرف.
ورحب السكان بهذه الخطوة، معتبرين أن بعض تلك المحال كانت بمثابة “سوق سوداء مفتوحة” لتصريف ممتلكات عامة مسروقة، خاصة بعد أن أضحت السرقات تهدد السلامة العامة: فاختفاء أغطية الصرف يعرض المارة، وبخاصة الأطفال، لخطر السقوط في الحفر، كما يؤخر إصلاح الأعطال ويثقل كاهل الجهات الخدمية المنهكة أصلًا.
مطالب شعبية: مراقبة مستمرة، لا حملات عابرة
على الرغم من الارتياح النسبي، يؤكد أهالي دير الزور أن هذه الحملة لا تكفي، ما لم تُتبع بإجراءات رادعة ومستدامة، أبرزها:
• تفتيش دوري على جميع محال بيع الخردة في المدينة وريفها.
• تشديد الرقابة على حركة البيع والشراء، عبر فرض سجلات إلزامية تُدوّن فيها مصادر المواد المشتراة.
• ربط الترخيص بضمانات أمنية، مثل الكشف الدوري وتوقيع كفالات مجتمعية.
• دعم توعية مجتمعية حول خطورة تجارة المسروقات وأثرها على البنية التحتية واستقرار الخدمات.
ويشدد الأهالي على أن استهداف محال الخردة هو جزء من الحل، لكنه لا يغني عن معالجة الجذور: الفقر، البطالة، ما يدفع فئات هشة إلى اللجوء إلى السرقة كوسيلة للعيش.








