قُتلت سيدة وابنها وأُصيبت طفلة، إلى جانب إصابة سبعة مدنيين وعنصرين من الدفاع المدني، جراء تصعيد أمني واشتباكات اندلعت، عصر اليوم، بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينة حلب، ترافقت مع قصف طال أحياء سكنية وإغلاق طرق رئيسية ونزوح عدد من الأهالي.
حيث اندلعت الاشتباكات في حيي الاشرفية والشيخ مقصود، وامتدت إلى مناطق الشيحان ودوار الليرمون، ما أسفر عن إصابات في صفوف المدنيين والدفاع المدني، ودفع السلطات إلى إغلاق طرق رئيسية ودعوة الأهالي لتجنب مناطق التوتر.
مراسل سوريا 24 أفاد بأن التوترات بدأت قرابة الساعة الثالثة عصرًا في محيط منطقة الشيحان ودوار الليرمون، حيث سجل إطلاق نار متقطع، قبل أن يتصاعد المشهد عند الساعة الرابعة والنصف بعد استهداف سيارة تابعة للدفاع المدني قرب دوار الشيحان.
وبحسب المراسل، أدى الاستهداف إلى إصابة عنصرين من فرق الدفاع المدني، إضافة إلى إصابة عدد من المدنيين، حيث جرى نقلهم إلى المشافي القريبة لتلقي العلاج، فيما أغلقت قوى الأمن الداخلي الطريق الواصل بين دوار الشيحان ودوار الليرمون، كما جرى إغلاق طريق غازي عنتاب – حلب من جهة الدوارين، تحسبًا لتدهور الأوضاع الأمنية.
قالت الطفلة سارة دباس (15 عامًا) لمراسل سوريا 24 إنها كانت في المدرسة، وبعد انتهاء الدوام خرجت متجهة إلى منزل خالتها في حي الخالدية، موضحة أنها “بعدما هدأت الاشتباكات، أُعطيت إشارة بالمرور، إلا أنني أصبت بطلقة نارية في قدمي أثناء مروري من محيط دوار الشيحان”.
من جهتها، قالت أم جودي، وهي من سكان حي الأشرفية، لموقع سوريا 24 إنها قصدت مشفى الرازي لإجراء معاينة طبية، إلا أنها لم تتمكن من العودة إلى منزلها الواقع قرب الدوار الثاني في الحي بسبب الأوضاع الأمنية وإغلاق الطرق.
وأضافت أن انقطاع الطرق حال دون وصولها إلى أطفالها، ما وضعها في حالة قلق شديد، داعية الجهات المعنية إلى إيجاد حل مستدام يضمن سلامة المدنيين ويسهل حركتهم خلال فترات التوتر.
بدوره، قال عمار عبد الرحمن، مدير مركز الدفاع المدني في حلب، إن فرق الدفاع المدني تعرضت للاستهداف أثناء محاولتها إسعاف مصابة بطلق ناري قرب دوار الشيحان، موضحًا أن “فرقنا استهدفت بقذائف مصدرها مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ما أدى إلى إصابة عنصرين من الدفاع المدني أثناء أداء مهامهم الإنسانية”.
وحول طبيعة الإصابات، قالت الطبيبة المقيمة في مشفى الرازي آية الأيوبي لمراسل سوريا 24 إن المشفى استقبل سبع إصابات جراء الأحداث الأخيرة، تنوعت بين إصابات بشظايا وطلقات نارية، مشيرة إلى أن أعمار المصابين تراوحت بين 15 و40 عامًا.
وأضافت أن من بين الإصابات طلقًا ناريًا في الرقبة وطلقًا ناريًا في اليد، إضافة إلى إصابات في مناطق مختلفة من الجسم، مؤكدة أنه تم إجراء الإسعافات الضرورية كافة وتقديم الرعاية الطبية اللازمة، مع متابعة الحالات داخل المشفى.
وعلى خلفية التطورات، دعا محافظ حلب سكان حيي الأشرفية والشيخ مقصود إلى الالتزام بمنازلهم وتجنب مناطق الاشتباكات، في وقت أفاد فيه مراسل سوريا 24 بنزوح عدد من العائلات من المناطق القريبة من دواري الليرمون والشيحان، خوفًا من اتساع رقعة المواجهات.
وفي بيان نقلته وكالة سانا، نفت وزارة الدفاع السورية ما وصفته بـ”ادعاءات قسد” حول قيام الجيش بهجوم على مواقعها، مؤكدة أن قوات سوريا الديمقراطية نفذت هجومًا مفاجئًا على نقاط انتشار قوى الأمن الداخلي والجيش في محيط حي الأشرفية، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوفهما.
وأضافت الوزارة أن الجيش رد على مصادر النيران التي تستهدف منازل الأهالي وتحركاتهم، إضافة إلى نقاط انتشار الجيش والأمن في محيط حيي الأشرفية والشيخ مقصود.
تأتي التطورات الأمنية الأخيرة في مدينة حلب، والتي تشهد اشتباكات وتوترات بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بالتزامن مع حراك سياسي وأمني إقليمي يتمثل بوصول وزير الخارجية التركي إلى دمشق على رأس وفد رسمي يضم وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات، في زيارة تهدف إلى بحث سبل حل ملف “قسد” وآليات تطبيق اتفاق العاشر من آذار/مارس الماضي الموقع بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.
وتعكس هذه التطورات الميدانية حساسية المرحلة الراهنة، في ظل تداخل المسارات السياسية والأمنية، ومساعي الأطراف المعنية لإعادة ضبط المشهد في شمال البلاد، وسط مخاوف من انعكاسات التصعيد على الوضع الإنساني والأمني في المدن المكتظة بالسكان، وفي مقدمتها مدينة حلب.








