نادي عامودا… صعود من الهامش إلى الممتاز

Facebook
WhatsApp
Telegram

لم يكن تأهل نادي عامودا الرياضي إلى الدوري السوري الممتاز لكرة الطائرة مجرد فوز في مباراة، بل كان خلاصة رحلة طويلة من الغياب، والتعب، والإصرار، انتهت بعودة نادٍ عريق إلى مكانه الطبيعي بين الكبار بعد 14 عاماً من الابتعاد عن البطولات الرسمية.

في 12 كانون الأول الجاري، وقف لاعبو عامودا في دمشق ليحسموا نصف نهائي بطولة أندية الدرجة الأولى بثلاثة أشواط نظيفة أمام نادي جيرود. النتيجة بدت على الورق سهلة، لكنها في الواقع كانت ثمرة سنوات من المعاناة التي لا تُقاس بالأشواط ولا بالأرقام.

يقول الكابتن إبراهيم صلفيج، رئيس النادي، إن قصة هذا الصعود بدأت من ظروف لم تكن مواتية أبداً: «كنا ننافس أندية مستقرة مادياً، قريبة من مراكز البطولات، لا تعاني من مشاكل سفر أو إقامة، بينما كنا نحن نقطع مئات آلاف الكيلومترات بين المحافظات، ونتحمل أعباء التنقل والطعام والإقامة بقدرات شبه معدومة».

لم يكن الفريق يملك رفاهية المعسكرات أو الاستقرار. بعض اللاعبين كانوا يقطعون أكثر من 100 كيلومتر فقط ليصلوا إلى التمارين. معظمهم يعملون لساعات طويلة قبل أن يبدؤوا التدريب، دون عقود احتراف، ودون ضمانات، سوى الانتماء للنادي واسم المدينة.

وسط هذا الواقع، كان السلاح الوحيد هو العامل النفسي. يروي صلفيج: «ركزنا على الدعم المعنوي، وعلى أن يشعر اللاعب بأنه جزء من عائلة، تحمل النادي ما يقارب 500 ألف ليرة سورية لتأمين تكاليف السفر للتدريب الواحد، رغم غياب أي موارد حقيقية، لكن الإصرار كان أقوى من المال».

تحولت الإدارة والجهاز الفني واللاعبون إلى أسرة واحدة، تعمل بصمت، وتتحمل البرد والشتاء ومشقة الطرق الطويلة. هنا وُلد لقب “نسور الشرمولا”، كما وصفهم رئيس النادي، لاعبين لم يتغيبوا، ولم يتذمروا، ولم يساوموا على حضورهم.

وكان للجمهور دوره في كتابة هذه القصة. في صالة الفيحاء بدمشق، كان المشجعون اللاعب السابع، يرفعون المعنويات، ويحوّلون التعب إلى طاقة. لم يخسر الفريق سوى شوط واحد في أربع مباريات، وكأن المدرجات كانت ترفض فكرة الخسارة.

بالتأهل، وجد عامودا نفسه فجأة بين أكبر عشرة أندية في سوريا، إلى جانب أندية لها تاريخ طويل ودعم مؤسساتي كبير. يقول صلفيج: «الوصول إلى هذا المستوى لم يكن بفضل الإمكانيات، بل بفضل المثابرة والولاء للنادي».

لكن القصة لا تنتهي هنا. المرحلة المقبلة أصعب، كما يؤكد رئيس النادي، فالبقاء في الدوري الممتاز يحتاج إلى دعم مالي وفني، وبناء فريق متكامل يليق بالمنافسة. «لو حصلنا على ربع ما تحصل عليه الأندية الكبرى، سنكون منافساً حقيقياً لا مجرد ضيف»، يقولها بثقة.

ويختم صلفيج برسالة واضحة: نادي عامودا لا يمثل فريقاً فقط، بل يمثل منطقة كاملة بكل مكوناتها، والرياضة فيه رسالة حضارية قبل أن تكون نتائج. ومع التفاف الأهالي والجهات المعنية، يمكن لهذه القصة أن تتحول من نجاح عابر إلى مشروع رياضي مستدام.

تأسس نادي عامودا الرياضي عام 1987، وفي هذا التأهل كتب فصلاً جديداً من تاريخه، عنوانه أن الإرادة قادرة على كسر العزلة، وأن الطريق إلى القمة قد يبدأ من الهامش، لكنه لا ينتهي إلا هناك.

مقالات ذات صلة