تتزايد شكاوى الأهالي والمهتمين بالشأن البيئي في جزيرة أرواد من تفاقم مشكلة القمامة على الشواطئ، في مشهد بات يُقلق السكان والزوار على حد سواء، ويضع واحدة من أقدم الجزر المأهولة في البحر المتوسط أمام تحدٍّ بيئي وسياحي حقيقي.
ورغم ما تتمتع به أرواد من قيمة تاريخية وموقع بحري مميز، فإن تراكم النفايات على امتداد الشواطئ بات يُسيء إلى صورتها ويُضعف فرصها في استعادة دورها السياحي والاقتصادي.
تلوث بصري ومخاطر على البيئة البحرية
يرى مختصون وفاعلون محليون أن المشكلة تجاوزت حدود الإهمال العابر لتتحول إلى أزمة بيئية متراكمة.
ويقول القبطان تيسير العال، من سكان جزيرة أرواد في حديث لمنصة سوريا 24، إن “الأوضاع البيئية حول الشواطئ تشكل قلقاً متزايداً، حيث توجد كميات كبيرة من القمامة التي تشوه أبصار السائح وتعكس نمطاً غير حضاري، وتترك أثراً نفسياً سلبياً عن هذه الجزيرة التاريخية”.
ويضيف أن النفايات لا تقتصر أضرارها على الجانب الجمالي، بل تمتد لتطال البيئة البحرية، مهددة الثروة السمكية والنظام البيئي الساحلي.
وتنتشر المخلفات البلاستيكية وبقايا الصيد والنفايات المنزلية في أكثر من موقع، ما يزيد من احتمالات تلوث المياه، ويؤثر سلباً على الكائنات البحرية، في جزيرة يعتمد معظم سكانها على البحر كمصدر رزق أساسي.
حملات تنظيف بلا استدامة
ورغم إطلاق حملات عدة لتنظيف الشواطئ خلال السنوات الماضية، بمشاركة المجتمع المحلي وبعض الجهات الرسمية، فإن نتائج هذه المبادرات بقيت محدودة.
ويوضح القبطان العال أن “جميع المحاولات باءت بالفشل بسبب سوء التنظيم، وعدم وجود متابعة حقيقية أو فرض عقوبات رادعة، إضافة إلى غياب حماية فعلية لهذه الشواطئ الأثرية”.
ويرى الأهالي أن الحملات الموسمية، دون خطط مستدامة أو آليات رقابة واضحة، لا تكفي لمعالجة المشكلة من جذورها.
انعكاسات بيئية على السياحة والاقتصاد المحلي
لا تنفصل الأزمة البيئية عن الواقع الاقتصادي في أرواد، إذ يربط سكان الجزيرة بين تراجع النظافة وتقلص أعداد الزوار.
وعلى الرغم من أن أرواد لم تتعرض بشكل مباشر لدمار الحرب خلال السنوات الماضية،لكنّ أن تداعياتها الاقتصادية وصلت إليها بوضوح، حيث انخفض عدد السائحين بشكل كبير، ما انعكس سلباً على قطاع السياحة الذي كان يشكل أحد أهم مصادر الدخل للأهالي.
تراجع صناعة القوارب والصيد
إلى جانب السياحة، تأثرت المهن البحرية التقليدية في أرواد، وعلى رأسها صناعة القوارب والصيد.
فهذه القطاعات، التي كانت ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، تعاني اليوم من ضعف الأسواق وقلة الطلب مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب.
ويؤكد صيادون، حسب القبطان العال، أن تلوث الشواطئ والمياه يفاقم من صعوبات العمل، ويؤثر على جودة الإنتاج السمكي وفرص تسويقه.
مطلب قديم: مسمكة عامة ومزاد للأسماك
ومن أبرز القضايا التي يعيدها الأهالي إلى الواجهة، غياب مسمكة عامة ومزاد منظم لبيع الأسماك في الجزيرة.
ويُعد هذا المطلب، بحسب الصيادين، أساسياً ومطروحاً منذ سنوات طويلة، إلا أنه قوبل بالرفض في السابق بحجة الظروف السائدة.
ويؤكد صيادو أرواد أن غياب هذا المشروع يفرض عليهم أعباء إضافية، أبرزها الضرائب المفروضة على بيع الأسماك في طرطوس، والتي تصل إلى 15 في المئة، فضلاً عن تكاليف نقل الأسماك من الجزيرة إلى البر.
ويرى الصيادون أن إنشاء مسمكة ومزاد محلي من شأنه تخفيف الأعباء المالية، ودعم الصيادين، ومراعاة خصوصية أرواد البحرية، باعتبار الصيد المهنة الأساسية والوحيدة التي يعتاش منها كثير من أبنائها، وهي مهنة متوارثة جعلت من صيادي أرواد من أوائل الصيادين على مستوى سوريا.
دعوات لخطة شاملة وحماية مستدامة
أمام هذا الواقع، تتعالى الدعوات لوضع خطة متكاملة لمعالجة مشكلة القمامة على شواطئ أرواد، تتضمن تحسين إدارة النفايات، وتفعيل الرقابة، وفرض عقوبات رادعة بحق المخالفين، إلى جانب تعزيز الوعي البيئي لدى السكان والزوار.
كما يطالب الأهالي بربط الحلول البيئية بخطط إنعاش اقتصادي وسياحي، تضمن حماية الشواطئ الأثرية واستثمارها بشكل مستدام.













