داريا: إعادة تأهيل حديقة عامة بمبادرة تطوعية ومساحة للأطفال

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24 - منيرة بالوش

في خطوة تحمل دلالات إنسانية ورمزية، شهدت مدينة داريا بريف دمشق إعادة تأهيل أول حديقة عامة فيها منذ سنوات، بجهود أبناء المدينة، وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وفرق محلية هدفت إلى توفير مساحة آمنة للأطفال في مدينة تفتقر إلى مرافق اللعب والمساحات الخضراء.

حملت الحديقة اسم “حديقة منارة”، وجرى تأهيلها بجهود فريق “منارة وطن” التطوعي من أبناء مدينة داريا، وبدعم مالي من فريق ملهم، إلى جانب مساهمات من مؤسسات محلية وأفراد من المجتمع المحلي، وفق ما أكده ياسر جمال الدين، مدير الفريق، في حديثه إلى سوريا 24.

وشملت أعمال التأهيل ترميم سور الحديقة، وتجهيز مساحة آمنة للأطفال مع ألعاب مخصصة، إضافة إلى تركيب كراسٍ للجلوس، وخزان مياه، وإنارة ليلية، وزراعة أشجار جديدة، وتحسين وضع الأشجار القائمة عبر تزويدها بتربة جديدة، فضلًا عن تنظيف الحديقة بالكامل، وإعادة تأهيلها لتكون صالحة للاستخدام العام.

وأوضح جمال الدين أن الهدف الأساسي من المشروع هو تأمين مساحة للأطفال للعب، في ظل غياب شبه كامل لمناطق مخصصة لذلك داخل المدينة، لافتًا إلى أن الإقبال كان لافتًا منذ الإعلان عن افتتاح الحديقة، إذ أمضى الأطفال ساعات طويلة فيها حتى ساعات المساء، رغم برودة الطقس، وسط ارتياح واضح من الأهالي.

وأضاف أن المشروع واجه صعوبات عدة، أبرزها محدودية الإمكانيات والموارد المتاحة مقارنة بحجم الاحتياج الكبير، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الاعتماد على جهود المجتمع المحلي كان عنصرًا أساسيًا في إنجاز العمل.

ولم تخلُ الحديقة من لمسة رمزية، حيث زُيّنت برسومات جدارية تعكس روح الحياة والسلام، من بينها لوحة لطفل يرفع علمًا وتنطلق منه طيور كرمز للأمل، وأخرى تُظهر صاروخًا سقط في الأرض ثم نبتت من مكانه ورود، في رسالة واضحة بأن الحياة مستمرة، وأن إرادة العيش أقوى من الدمار.

ووصفت إحدى سيدات المدينة، وهي أم لطفلين، فرحة أطفالها بالحديقة الجديدة، معتبرة أن المكان بات متنفسًا حقيقيًا لهم بعد سنوات من الحرمان. وقالت في حديث لسوريا 24 إن أطفالها ينتظرون يوميًا موعد الذهاب إلى الحديقة بفارغ الصبر، مضيفة: “منذ الإعلان عن افتتاحها تغيّر مزاج أولادي كثيرًا، أصبح لديهم مكان آمن يلعبون فيه ويضحكون مع أطفال آخرين، وهذا الشيء ينعكس راحة علينا كأهالٍ”. وأكدت أن وجود مساحة كهذه داخل داريا أعاد للأهالي شعور الطمأنينة، ومنح الأطفال جزءًا من طفولتهم التي سُلبت خلال سنوات الحرب.

وتأتي هذه المبادرة في سياق محاولات محلية لإعادة إحياء الفضاءات العامة في داريا، وإعادة الاعتبار للبعد الإنساني والاجتماعي في مدينة أنهكتها سنوات الحرب، في وقت لا تزال فيه المبادرات التطوعية تشكل ركيزة أساسية في تحسين الواقع الخدمي والمعيشي للسكان.

إذ لا تزال داريا تعاني من آثار الدمار الواسع الذي خلّفته سنوات القصف والحصار، حيث تعرضت أحياء كاملة فيها للتهدم، وتضررت بنيتها التحتية بشكل شبه كامل، بما في ذلك المرافق الخدمية والمساحات العامة. وبعد سقوط النظام، بدأت المدينة تشهد عودة تدريجية للأهالي رغم غياب الخدمات الأساسية، وافتقارها إلى الحدائق والأماكن العامة التي تلبي احتياجات السكان، ولا سيما الأطفال.

مقالات ذات صلة