عيد الميلاد في حلب.. طقوس وعادات

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تعيش كثير من العائلات في مدينة حلب أجواء عيد الميلاد بوصفه مناسبة تجمع بين ضغط العمل ودفء اللقاء العائلي، وبين الممارسة اليومية للمهنة والتمسك بالطقوس الاجتماعية والدينية.

ففي أحد أحياء المدينة، تدير صاحبة محل حلويات مشروعها العائلي الذي تحوّل مع الوقت إلى مساحة مشتركة تجمع أفراد الأسرة حول العمل كما تجمعهم حول العيد.

تقول صاحبة المحل إن فترة الأعياد تشهد ازديادًا ملحوظًا في الطلب على الحلويات، ما يستدعي استعدادًا مبكرًا يشمل تأمين المواد الأولية وتنظيم العمل وإعداد أصناف متعددة من المنتجات.

وتؤكد أن الجودة والنظافة تشكلان أولوية أساسية، لأن سمعة المحل تمثل رأس المال الحقيقي له.

يتقاسم أفراد الأسرة الأدوار فيما بينهم؛ فالزوج يتولى استقبال الطلبات والتعامل مع الزبائن، فيما يشارك الأبناء في التحضير والتغليف وترتيب المحل.

ورغم ساعات العمل الطويلة، تشير صاحبة المحل إلى أن الشعور بالرضا يخفف من وطأة التعب، ولا سيما عندما يغادر الزبائن وهم راضون عن الخدمة والمنتجات.

وترى أن العيد بالنسبة لها هو مزيج من الجهد والبركة، إذ يمنحها فرصة للعمل إلى جانب عائلتها في مساحة واحدة، ويحوّل المشروع من نشاط اقتصادي بحت إلى تجربة عائلية واجتماعية.

إلى جانب هذا البعد العملي، يحتل العيد، ولا سيما عيد الميلاد، مكانة خاصة في الوجدان الحلبي، حيث تبدأ الاستعدادات له بفترة الصيام لدى العائلات المسيحية، التي تُعد محطة روحية تسبق الاحتفال.

ومع اقتراب العيد، تُزين المنازل وتُعلق أشجار الميلاد، وتُضاء الأنوار في البيوت والشوارع، في مشهد يعكس طابعًا احتفاليًا دافئًا.

وتُعد ليلة العيد محطة مركزية، إذ تتجه العائلات إلى الكنائس للمشاركة في قداس الميلاد والاستماع إلى الترانيم، قبل أن تعود إلى منازلها للاحتفال ضمن نطاق الأسرة.

وفي اليوم التالي تبدأ الزيارات العائلية والاجتماعية، حيث تُفتح البيوت للأقارب والأصدقاء، وتُقدم القهوة والحلويات، وتُتبادل التهاني.

في السياق نفسه، يشير أوهانيس شهريان إلى أن رأس السنة لدى كثير من العائلات في حلب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بهذه المناسبة، قائلًا: «إن هذا اليوم هو قبل كل شيء يوم لمة العائلة».

ويوضح أن من أبرز عادات أهالي حلب في هذا اليوم التركيز على المأكولات التراثية التي تعكس هوية المدينة وذاكرتها الاجتماعية، مثل الكبة بأنواعها، ولا سيما الكبة المقلية، واليبرق (ورق العنب)، والأوزي، والمنسف الحلبي، إلى جانب الحلويات التقليدية مثل البقلاوة وغيرها من الأصناف.

كما تشتهر المدينة بتقديم الفواكه المجففة، التي تُعد جزءًا ثابتًا من طقوس العيد.

ويؤكد شهريان أن لكل منطقة عاداتها الخاصة، غير أن القاسم المشترك في حلب يبقى في الأجواء العامة التي تطغى عليها لمة الأهل والأقارب، وتبادل المعايدات، وروح الألفة التي تسود بين الناس.

بهذا المعنى، يظهر العيد في حلب كمساحة يلتقي فيها الاقتصادي بالاجتماعي، والمهني بالإنساني، في صورة تعكس جانبًا من حياة المدينة وأهلها في واحدة من أكثر لحظاتها كثافة ودلالة.

مقالات ذات صلة