في محاولة لاستعادة الذاكرة الجماعية للسوريين، وإعادة فتح ملف الجرائم الكيميائية بوصفه قضية عدالة لا تسقط بالتقادم، تستضيف مدينة داريا معرض “نتذكر ونقاوم”، الذي تنظمه حملة “لا تخنقوا الحقيقة” بالتعاون مع المركز الثقافي في داريا، ضمن مسار توثيقي وحقوقي سبق أن جال عواصم ومدنًا عالمية، قبل أن يعود اليوم إلى سوريا، إلى حيث وقعت الجريمة وخلفت آثارها العميقة.
وفي حديث خاص لـ “سوريا 24”، قال فارس المنجد، منسق الحملة، إن الحملة توجه دعوة مفتوحة لوسائل الإعلام لتغطية فعاليات المعرض، الذي يُقام خلال الفترة من 28 إلى 30 كانون الأول 2025، يوميًا من الساعة الواحدة ظهرًا حتى السادسة مساء، في المركز الثقافي بمدينة داريا. وأكد المنجد أن حضور الإعلام وتغطيته يشكلان عنصرًا أساسيًا في دعم الجهود الرامية إلى نشر الحقيقة وحماية السردية السورية من محاولات الإنكار والتزييف.
معرض متنقل يصل إلى سوريا
عرضت اللوحات في معرض متنقل بعدة مدن عالمية وأوروبية، قبل أن يصل اليوم إلى سوريا، في خطوة تهدف إلى فتح مساحة حوار حول الذاكرة الجماعية، ومجازر الأسلحة الكيميائية، ومعنى العدالة بعد سنوات من ارتكاب هذه الجرائم. واعتبر القائمون على المعرض أن العودة إلى الداخل السوري تمثل بعدًا رمزيًا وإنسانيًا يعيد الذاكرة إلى أصحابها الحقيقيين.
ويُعد المعرض، بحسب القائمين عليه، معرضًا توثيقيًا وحقوقيًا يهدف إلى الحفاظ على الذاكرة الجماعية لضحايا جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ولا سيما مجزرة الغوطة. ويسعى إلى تخليد ذكرى الضحايا، ونقل شهادات الناجين، ومواجهة سياسات الإنكار والتضليل، والتأكيد على أن التذكر فعل مقاومة، وأن الحقيقة تشكل الأساس لأي مسار جدي للعدالة والمساءلة.
من لاهاي إلى داريا
وانطلق معرض “نتذكر ونقاوم” للمرة الأولى في مدينة لاهاي عام 2023، بالتزامن مع المؤتمر الدولي الأول لضحايا الأسلحة الكيميائية، في خطوة هدفت إلى نقل صوت الضحايا من مكان الجريمة إلى قلب الفضاء الدولي والقانوني، وربط الذاكرة السورية بمسارات العدالة الدولية. وبعد ذلك، جال المعرض عددًا من المدن الأوروبية، قبل أن يبدأ عرضه داخل سوريا.
مشاركون وشهادات حية
وشهد المعرض مشاركة ناجين وناجيات من الهجمات الكيميائية، إلى جانب ناشطين وناشطات من المجتمع المدني، وفنانين ومصورين سوريين قدموا أعمالًا فنية وبصرية تعكس الأثر الإنساني العميق للجريمة وتداعياتها المستمرة. كما استقطب حضورًا من حقوقيين وإعلاميين وجمهور مهتم بقضايا حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.
إعادة الذاكرة إلى مكانها
وبحسب المنظمين، شملت محطات العرض داخل سوريا مدنًا وبلدات في ريف دمشق، من بينها زملكا التي شهدت واحدة من أكبر المجازر الكيميائية، وصولًا إلى داريا اليوم، ضمن فعاليات إحياء ذكرى الهجوم الكيميائي، وفي سياق إعادة الذاكرة إلى مكان الجريمة وأهلها.
ويُنظم معرض “نتذكر ونقاوم” من قبل حملة “لا تخنقوا الحقيقة”، وهي حملة سورية يقودها ناجون وشهود وناشطون، تعمل على حفظ الذاكرة، وتوثيق جرائم الأسلحة الكيميائية، والدفاع عن حق الضحايا في الحقيقة والعدالة، وربط الجهد التوثيقي بالمطالبة بالمحاسبة القانونية على المستويين الوطني والدولي.












