حلب: نساء في صدارة المواجهة مع التغير المناخي في سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24 - منيرة بالوش

في ظل التحديات البيئية والمناخية المتصاعدة التي تضرب سوريا، تبرز مشاركة المرأة بوصفها عنصرًا محوريًا في صياغة الاستجابات المجتمعية والعلمية، سواء عبر البحث الأكاديمي أو من خلال المبادرات الميدانية. وقد كان هذا الدور حاضرًا بوضوح في ندوة علمية احتضنتها جامعة حلب، ترافقت مع برنامج تدريبي تطبيقي ركز على تمكين النساء في القيادة البيئية، في مسعى لربط المعرفة العلمية بالفعل المجتمعي المستدام.

ندوة علمية تناقش التغير المناخي في جامعة حلب

نظم البرنامج السوري للتغير المناخي (SPCC)، بالتعاون مع جامعة حلب، ندوة علمية بعنوان “سوريا في مواجهة التغير المناخي”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين المتخصصين، وبحضور طلاب من كليات معنية بالبيئة والهندسة والزراعة.

وسلطت الندوة الضوء على واقع التغير المناخي في سوريا، وتداعياته المتزايدة على قطاعات حيوية، أبرزها الزراعة، والموارد الطبيعية، والبيئة العمرانية، في وقت تتفاقم فيه آثار الجفاف، ويتراجع فيه الإنتاج الزراعي، وتتدهور النظم البيئية.

المهندسة هبة إبراهيم، منسقة الندوة وإحدى المتدربات ضمن برامج SPCC، أوضحت لـ “سوريا 24” أن الندوة تهدف إلى “تسليط الضوء على التحديات البيئية والمناخية المتزايدة التي تواجه سوريا، وانعكاساتها على قطاعات حيوية كالزراعة والموارد الطبيعية والبيئة العمرانية، إضافة إلى مناقشة دور البحث العلمي والجامعات في تطوير حلول مستدامة قائمة على المعرفة العلمية”.

وتضمنت الندوة مداخلات علمية تناولت محاور متقاطعة مع الواقع السوري، من بينها العمارة المستدامة والتكيف العمراني مع التغير المناخي، وتقييم الأثر البيئي بوصفه أداة للتخطيط المستدام، إلى جانب تأثير التغيرات المناخية على الزراعة والأمن الغذائي، وقضايا تلوث التربة والبيئة.

من جهته، قال البرنامج السوري للتغير المناخي (SPCC) لـ “سوريا 24”: “إن تنظيم هذه الندوة يأتي في إطار التزام البرنامج بدعم الحوار العلمي حول قضايا التغير المناخي في سوريا، وتعزيز الشراكة مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، بوصفها ركائز أساسية في إنتاج المعرفة البيئية، وتمكين الطلبة والباحثين من الإسهام في صياغة حلول مستدامة تستند إلى العلم وتخدم واقعنا البيئي”.

شراكة أكاديمية لتعزيز الوعي المناخي

وتُعد هذه الفعالية خطوة ضمن مسار أوسع لتعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبرامج البيئية المتخصصة، وربط البحث العلمي بالاحتياجات البيئية والتنموية، بما يسهم في بناء قاعدة معرفية داعمة لمسارات التنمية المستدامة في سوريا، ويعزز الوعي المناخي داخل الأوساط الجامعية.

برنامج تدريبي لتمكين النساء في القيادة البيئية

وبالتوازي مع العمل الأكاديمي، نفذ البرنامج السوري للتغير المناخي مشروعًا تطبيقيًا بعنوان “تمكين النساء في القيادة البيئية والتوعية المجتمعية حول النظافة العامة وفرز النفايات”، في إطار جهوده لتعزيز دور المرأة في مواجهة التحديات البيئية والمناخية على المستوى المجتمعي.

ويهدف التدريب إلى تعزيز مشاركة النساء في قيادة المبادرات البيئية، ورفع مستوى الوعي المرتبط بالنظافة العامة، وحماية المرافق العامة، وفرز النفايات من المصدر، بما يسهم في الحد من التلوث وترسيخ السلوك البيئي الإيجابي.

تدريب تطبيقي وحملات ميدانية

استهدف التدريب سيدات من المجتمع المحلي، لا سيما الشابات والناشطات في العمل المجتمعي والمهتمات بالعمل البيئي، حيث جرى إشراكهن بشكل مباشر في تنفيذ حملات ميدانية بوصفهن قائدات وميسرات للتوعية.

وامتد البرنامج على مدار 12 يومًا بشكل تطبيقي وتراكمي، تزامنًا مع تنفيذ أربع حملات بيئية مجتمعية بين أيلول وكانون الأول 2025، جامعًا بين التدريب النظري والتطبيق العملي في الميدان.

وشملت محاور التدريب مفاهيم أساسية في الوعي البيئي والتغير المناخي، وأهمية النظافة العامة وحماية المرافق المجتمعية، ومبادئ فرز النفايات من المصدر وأثرها البيئي والصحي، إضافة إلى مهارات التواصل المجتمعي وإدارة جلسات الحوار، والقيادة النسائية في العمل البيئي، واستخدام أدوات توعوية مبتكرة مثل الجداريات والوسائل الرقمية ورموز QR.

من التدريب إلى التطبيق العملي

وجرى تطبيق مخرجات التدريب عبر أربع حملات ميدانية، شملت حملة تنظيف شارع رودي شان، وحملة توعية من خلال جلسات حوارية في حديقة الرازي، وحملة رسم جدارية توعوية بيئية في الحديقة ذاتها، إلى جانب حملة توعية في جامعة حلب حول فرز النفايات.

وشاركت المتدربات في تنفيذ هذه الأنشطة كعاملات مياومات، ما أسهم في تعزيز شعورهن بالمسؤولية المجتمعية، ومنحهن خبرة عملية مباشرة، إلى جانب شكل من أشكال التمكين الاقتصادي المؤقت.

المرأة شريكة في صناعة الأثر البيئي

وتبرز أهمية هذه التدريبات في كونها تسهم في بناء القدرات القيادية للنساء في مجال الوعي البيئي والتغير المناخي، وتعزز ثقتهن بأنفسهن كفاعلات أساسيات في التغيير المجتمعي. كما تمكن النساء من نقل المعرفة البيئية إلى محيطهن الاجتماعي، وتحولهن من متلقيات للتوعية إلى صانعات للأثر والتغيير المستدام، في مواجهة واحدة من أخطر التحديات التي تواجه سوريا اليوم.

مقالات ذات صلة