تستمر لعبة القط والفأر بين رأس النظام بشار الأسد وحيتان الاقتصاد ورؤوس الأموال في سوريا، وذلك في محاولة من الأسد لإعادتهم إلى حظيرته التي خرجوا منها وتجاوزوا الخطوط الحمراء، فما كان منه إلا أن بدأ بشد آذانهم واحدا تلو الآخر من أجل إجبارهم على دفع “المعلوم” لدعم الاقتصاد المنهار.
فمنذ مطلع شهر أيلول/سبتمبر الجاري، حسب ما نتابع ونرصد في موقع SY24، ونظام الأسد يروج عبر ماكيناته الإعلامية عن حملة مكافحة فساد ستطال رقاب مجموعة من رجال الأعمال الفاسدين، وكان المحرك الرئيس لتلك الحملة هم أفرع المخابرات بمختلف مسمياتها، والتي حركت بدورها “بعبع” الحجوزات الاحتياطية على أسماء وشخصيات موالية حتى للأسد، الأمر الذي بدأ يشي بصراع لن ينتهي بين الأسد ورجال الأعمال الذي يحاول إيصال الرسائل إليهم للرضوخ لأوامره.
وبالفعل يبدو أن خطة رأس النظام بشار الأسد وضباط المخابرات الداعمين له قد نجحت، إذ كشفت صفحات ووسائل إعلام موالية للأسد، عن اجتماع عقد، السبت، في فندق “الشيراتون” بدمشق، ضم حاكم مصرف سوريا المركزي مع عدد من رجال الأعمال الذين على مايبدو وصلتهم التهديدات ووجدوا أنه لا مفر من العودة لحظيرة الأسد رغم السموم الكريهة التي تنبعث منها.
وذكر موقع “أخبار سوريا الاقتصادية”، أن “سامر الفوز يقدم 10 ملايين دولار كدفعة أولى لدعم الليرة السورية خلال اجتماع مناقشة مبادرة قطاع الأعمال السوري”.
وأضاف أنه “رغم تحفظ العديد رجال الأعمال ممن خرج من الاجتماع المغلق لمناقشة مبادرة غرف الصناعة والتجارة لدعم الليرة السورية مع حاكم مصرف سورية المركزي في فندق الشيراتون على ما دار في الاجتماع، إلا انه أجمع الجميع على انطلاقة المبادرة بوضع مبالغ مالية بالدولار كل حسب قدرته”.
ونقل الموقع ذاته عن مصدر خاص به قيل إنه حضر الاجتماع قوله إن ” رجل الأعمال سامر الفوز أعلن عن تقديم 100 مليون دولار كدفعة أولى لوضعها في صندوق المبادرة وحسابها الذي تم إحداثها مؤخرا من قبل قطاع الأعمال السوري، فيما لم يعلن أي رجل أعمال آخر عن تقديم أي مبلغ على أن يتم دفع المبالغ تباعا وبسعر تدخلي يحدد كل يوم بهدف خفض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار”.
وأشار إلى أن “سامر الفوز اقترح أن يسهم كل رجل أعمال بمبلغ 5 إلى 10 ملايين دولار يتم إيداعها في المصرف المركزي”.
بدوره ذكر موقع “اقتصاد مال وأعمال السوريين” المعارض أن “رجل الأعمال وعضو غرفة تجارة دمشق، إياد محمد، أشار إلى أن رجل الأعمال المعروف محمد حمشو، كان من أوائل من بادروا ووضعوا أموالا بالقطع الأجنبي في صندوق دعم الليرة، لافتا إلى أن حمشو صرح يوم السبت، خلال الاجتماع مع حاكم المركزي أنه مستمر في المساهمة لصالح الصندوق”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “باقي رجال الأعمال الموجودين، وبينهم سامر الدبس وحسام وبراء قاطرجي ووسيم القطان، قد أعلنوا موافقتهم على دفع مبالغ كبيرة، لكنهم طلبوا عدم نشر قيمتها على وسائل الإعلام”.
ويرى مراقبون أن ماحصل في فندق الشيراتون في دمشق وهذا الاجتماع كان مخطط له من مخابرات نظام الأسد، الذين مهدوا الطريق لعقده، مشيرين إلى أنهم كانوا ينتظرون أن يرفض أي حوت من حيتان الاقتصاد أوامر حاكم مصرف سوريا المركزي لينقضوا عليه داخل الاجتماع ويتم سوقه بحجة مكافحة الفساد، معتبرين أن “الدورية جاهزة وكل شيئ مخطط له والنتائج معروفة مسبقا حتى للمجتمعين أنفسهم، ولذلك سارع سامر الفوز للتبرع بالعشرة ملايين دولار كدفعة أولى من المعلوم”.
وعقب هذا الاجتماع ومابدأ يتسرب عنه لوسائل الإعلام وما تحاول مخابرات الأسد إيصاله لباقي رؤوس الأموال، خرجت وزير الاقتصاد السابقة في حكومة نظام الأسد الدكتورة” لمياء عاصي” وأرسلت بدورها رسالة لرجال الأعمال الذين كانوا حاضرين في الاجتماع قائلة لهم” لو دفع رجال الأعمال ضرائبهم الحقيقية، بالتأكيد ستكون أكثر بكثير من المبالغ التي سيدعمون بها الليرة السورية”.
وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الموالين للأسد عن الحيتان الآخرين وهم: “رامي مخلوف، وفارس الشهابي”، وعن سبب عدم ظهورهم في الاجتماع الذي سربت صور منه للإعلام.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فعقب الاجتماع أيضا، واصلت مخابرات الأسد تهديداتها المبطنة لرؤوس الأموال في الداخل والخارج بأن عليكم الانصياع وأن دخول الحمام ليس كمال الخروج منه، إذ نشرت عبر صفحات مواليها لها في الإنترنت ما مفاده أن “صندوق دعم الليرة يستعد لاستقبال 300 إلى 400 مليون دولار، الأيام القادمة ستفصح”، الأمر الذي وصفه مراقبون بـ “التهديد المخابراتي الناعم الذي يغازل جيوب حيتان الاقتصاد”، معتبرين أن “هؤلاء الحيتان سيدفعون المعلوم للأسد وهم يضحكون ويلعبون، وسينفذون الأوامر رغما عنهم، وإلا بوابة مكافحة الفساد المزعومة بانتظارهم”.
وبدأت كالعادة وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد بالتطبيل والتزمير لهذا الاجتماع، الذي أجبر رؤوس الأموال على الجلوس على طاولة واحدة أمام مبعوث المخابرات والأفرع الأمنية ألا وهو حاكم مصرف سوريا المركزي، لتبدأ تلك الوسائل ببيع الأوهام للمواطن السوري “المنتوف” في مناطق سيطرة النظام بأن الرجل الأخضر “الدولار” سينزل إلى 500 ليرة سورية قريبا بعد أن تخطى حاجز الـ 630 ليرة سورية، فيما رد أحد المواطنين “المعترين” عليهم بالقول: “عمرك شفت شخص مات وبعد كم سنه رجع ع بيتو”، في إشارة للدولار وفق ما نشرت صفحات موالية على “فيسبوك”.