Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تنامي ظاهرة العنف الأسري في الشمال السوري.. ما أسبابها وآثارها؟

خاص - SY24

تروي التصبغات على جسد الطفل “يمان” ذو العامين ونصف، جريمة بحق الطفولة والإنسانية، بعد تعرضه للاعتداء من قبل زوج والدته في مدينة “الدانا” بريف إدلب الشمالي، حيث ضجت مؤخراً مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو يظهر الطفل بحالة خطيرة استدعت أخذه للمشفى، وإجراء عملية لاستئصال طحاله، وتبين أن هناك كسر بالفخذ، إضافة لكدمات في كل أنحاء جسده الغض.

تعرض “يمان” للتعنيف والضرب المباشر على يد زوج أمه نتيجة خلافات عائلية كما قال الجاني، بعد إلقاء القبض عليه من قبل الجهات الأمنية في المنطقة، حيث تم تصوير جسد الطفل وكشف تعرضه للتعذيب بواسطة حزام وخرطوم بلاستيكي.

يعرف العنف ضد الأطفال بأنه شكل من أشكال انتهاك حقوق الإنسان، حسب اتفاقية حقوق الطفل في الأمم المتحدة وهو أيضاً استعمال للقوة الجسدية عن سبق إصرار بالتهديد أو بالفعل من قبل فرد أو مجموعة أفراد، والتي تؤدي إلى ضرر بصحة الطفل.

ظاهرة العنف المنزلي ليست جديدة في مدينة إدلب، حيث تداول ناشطون منذ فترة، قصة الطفلة نهلة التي قضت جراء ظروف غير طبيعية مورست بحقها من قبل والدها.

تقول الأخصائية النفسية “نجاح بالوش”، لمنصة SY24، إن ظاهرة العنف الأسري تنامت بشكل عام خلال سنوات الحرب الماضية، وما عاناه الأهالي من مشاهد عنف قاسية، أثرت على نفسيتهم، وزادت الظروف المعيشة الصعبة والفقر والبطالة، من الخلافات الزوجية في الأسرة، فنتجت عنها ضغوط نفسية مورست ضد الحلقة الأضعف في الأسرة وغالباً ما تكون الطفل أو الزوجة”.

وأكدت “بالوش” أن “نتائج العنف تظهر على المدى الطويل، وتؤثر على صحة الطفل النفسية والجسدية والعقلية أيضاً، وتنتج فرد ضعيف الشخصية، لا يثق بنفسه، انطوائي ذو سلوك عدواني، كنوع من رد الفعل على العنف الذي تعرض له في طفولته”.

تؤيد” نهى البدوي” أم لخمسة أطفال وتسكن في مخيمات دير حسان، ما قالته المختصة عن تحول الطفل إلى شخص عدواني بعد ما لمست تغيراً واضحاً في سلوك أبنائها نتيجة تعرضهم للضرب اليومي من والدهم.

تقول “نهى” إن زوجها يضرب الأطفال كلما تعرض لنوبة صرع وسبب لهم أذى جسدي ونفسي، وكذلك يضرب الابن الأكبر أشقاءه الصغار كلما تعنف من والده.

تعرضت هي ايضاً للضرب أكثر من مرة أثناء إبعاد الأب عنهم، تخبرنا أنها تتحمل كل ذلك بسبب خوفها من الانفصال وخسارة أسرتها وأطفالها.

وتعيش عائلات كثيرة ظروفاً عائلية صعبة مثل “نهى” وأطفالها، دون أن تلقى وسيلة آمنة تحميهم فيها في ظل غياب القوانين الرادعة والوازع الديني الأخلاقي.

تركز المختصة النفسية على ضرورة القيام بحملات توعية للأسر، لتعريفهم بالعنف وخطورته على أطفالهم، مع إخضاع الأطفال لدورات علاج نفسي للتخفيف من معاناتهم.

مستويات العنف المنزلي وصلت حداً أخطر من الضرب المبرح، وهو القتل العمد بحق أحد أفراد العائلة، كما حصل مؤخراً مع رجل في منطقة “صلوة” بريف إدلب، قتل زوجته بعدة طلقاتٍ نارية، إثر مشاكل عائلية بينهما، أدت لترك المنزل والذهاب إلى أهلها حيث أقدم على قتلها هناك.

تقول “سوسن الطويل” العاملة في مجال الدعم النفسي، إن “المرأة تتعرض للعنف في أكثر الأماكن التي من المفترض أن تكون آمنة بالنسبة لها وهو منزلها، لذلك يعد العنف الأسري من أخطر أنواع العنف الذي تتعرض له، حيث يسبب لها ذلك أذى جسدي ونفسي وعاطفي، وغالباً ما تفضل النساء المعنفات السكوت وعدم البوح بما تعرضن له من عنف وأذى، خوفاً من إلقاء اللوم عليهن من قبل المجتمع في ظل غياب قوانين تحميهن”.