Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

سوريا أمام 3 سيناريوهات.. هل اقتربت ساعة الأسد؟

ياسين الأخرس – SY24

على الرغم من كل المسارات السياسية التي ظهرت مؤخرا سواء آستانة أو سوتشي، إلا أن كل الدروب ووفق ما يراها مراقبون ستؤدي في النهاية إلى مسار جنيف الذي يعتبر الأصل والأساس في الحل السياسي بالنسبة للملف السوري.

وما يؤكد ذلك هو التحركات الأمريكية الأخيرة والرامية إلى إجبار رأس النظام السوري “بشار الأسد” بالجلوس على طاولة الحل السياسي وفق القرار 2254، ومقررات مؤتمر جنيف، من خلال الضغط عليه بقانون العقوبات قيصر الذي يعتبر القشة التي ستقصم ظهر النظام وداعميه، حسب المراقبين أنفسهم.

ويبدو أن الرسائل الأمريكية بدأت تصل إلى النظام السوري وكل من حوله، الأمر الذي سبب حالة من الاضطراب فيما بينها وبات كل طرف داعم يسعى لتأمين مصالحه السياسية والاقتصادية، وهذا ما سارعت إليه روسيا التي ألمحت قبل أيام أنها مستعدة للحوار مع واشنطن بشأن سوريا، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أن روسيا تحاول المماطلة وربما تقديم تنازلات لأمريكا على أمل تأجيل تطبيق القانون، أو حصول مفاجأة ما تقلب المعادلة ولو بجزء بسيط لصالحها.

وفي هذا الصدد قالت الناطقة الإقليمية باسم الخارجية الأمريكية “إريكا تشوسانو” لـ SY24 ، إن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام السوري، وينبغي أن يتخذ النظام خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل سياسي للصراع السوري يحترم حقوق الشعب السوري ورغبته، أو سيواجه المزيد من العقوبات الهادفة والعزلة”.

وبمجرد التلويح الأمريكي بقرب تطبيق قانون قيصر، منذ أيار الماضي، بات الوضع الاقتصادي في سوريا يتجه نحو الانهيار رغم كل محاولات النظام بترويج فكرة الصمود، على أنه هو الطريق الوحيد للوقوف بوجه العقوبات التي يصفها بأنها قسرية وأحادية الجانب.

وحول ذلك قالت “تشوسانو” إنه “على غرار ما قاله السفير جيفري، “يتحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية الانهيار الاقتصادي السوري بشكل مباشر، إذ يبذرون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لتمويل حرب غير ضرورية ضد الشعب السوري بدل توفير احتياجاته الأساسية”.

وأكدت المسؤولة الأمريكية أن “بلادها ستواصل فرض العقوبات الهادفة والضغط الاقتصادي المتزايد على نظام الأسد إلى حين تحقيق تقدم لا رجعة فيه في المسار السياسي، بما في ذلك من خلال وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد بحسب ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

وبالعودة إلى التحركات الروسية فتحاول الادعاء أنها مستعدة للانخراط بالقرارات الدولية بشأن مصير الأسد، إلا أن مراقبين قللوا من أهمية أن تكون روسيا تهدف لتغيير “الأسد” أو التخلص منه، رغم أنها أوصلت رسائل وعبر إعلامها لتغيير الصورة المتعارف عليها من أن روسيا حليفة للنظام وأن النظام في 2020 لم يعد كما كان عليه في 2011.

ومع الضغط الأمريكي اقتصاديا على النظام، ومحاولة الداعمين له التوجه صوب الطرف الأمريكي لكسب رضاه على حساب دعمهم له خوفا من العقوبات وتضرر مصالحهم، إضافة لحالة الغليان السائدة في الشارع السوري وخروج المظاهرات الاحتجاجية المناوئة للنظام، يضاف إليها التساؤلات التي يطرحها الأمريكي ومنها “هل بات الأسد على وشك الرحيل؟، وهل بات على حافة الهاوية؟”، يطفو على السطح السؤال الأبرز “هل باتت أيام الأسد معدودة فعلا؟.

بشار الأسد.. أسد من ورق!
وردا على ذلك قال أيمن عبد النور” رئيس جمعية “سوريون مسيحيون من أجل السلام” في حديثه لـ SY24 إن “القضية ليست أن أيام الأسد معدودة بمعنى حرفي، لأن إدارة البلد مرتبطة بكثير من العوامل ومنها الوضع الاقتصادي وتقديم الخدمات واحترام الشعب لقيادته وهذا كله فُقد، وبالتالي النظام السوري لم يعد موجوداً في الصورة التي كان عليها عام 2011، في ظل وجود خلافات عائلية وانهيار للاقتصاد السوري ولسعر صرف الليرة السورية، والخدمات وكذلك لاحترام المسؤولين لبعضهم حتى بما يخص بشار الأسد، وبالتالي النظام لم يعد موجودا كما الشكل الذي اعتدنا على وجوده قبل الثورة”.

أشار عبد النور إلى أن “مسألة الأسد تخضع لاتفاق روسي أمريكي بالدرجة الأولى وطريقة إخراجه، لأن روسيا دخلت على أساس أنها لن تخالف القانون الدولي، وبالتالي لن تقوم بتغيير النظام بالقوة وإنما ستقوم بتغييره من داخله، وربما أحد الشخصيات المقربة منها هو من سيقوم بعملية التغيير الداخلي”.

وفي السياق ذاته رأى “عبد النور” أن تناول الإعلام الروسي لـ “بشار الأسد” مؤخرا على أنه الشخص الضعيف غير القادر على المسك بزمام الأمور أنه “جزء من إعداد وتسهيل عملية إخراج الأسد ويفترض أن يتم نزع الصورة التي تم تصويره بها سابقاً أنه حليف لروسيا وانه شخص جيد يدافع عن الأقليات وبالتالي تم نزع هذه الهالة من الاحترام لتمهيد سقوطه لاحقاً”.

وأوضح أن “الإعلام الروسي الذي نشر هذه الانتقادات ليس إعلاماً رسمياً حكوميا بالرغم من أن بعضه مملوك من الحكومة، لكنه أعطي مساحة من الحرية لتتمكن الإدارة الروسية من القول إن هذه الوسائل لا تعبر عن الرأي الرسمي للكرملين، ولكن في النهاية نفذ الدور والمهمة المناطة منه بنزع صفة الاحترام عن الأسد سواءً أمام الشعب الروسي والسوري ومواليه”.

انتخابات الرئاسة السورية في آذار 2021
وفي وقت رأى فيه مراقبون أن روسيا ربما تنتظر انتخابات الرئاسة السورية في 2021 القادم، للتخلص من بشار الأسد، خاصةً وأنه عبء أمام ملف إعادة الإعمار المشروط برحيله وتسوية سياسية، قال “عبد النور” إنه “قد تكون نقطة مفصلية لكن لا يعني أنه سيتم الإبقاء على الوضع الحالي حتى ذلك الحين خصوصاً بعد الانهيارات المتسارعة”.

وتابع أنه ” يمكن أن يكون هناك تغيير مرحلي عبر مجلس عسكري من قبل موالين لروسيا يقومون بحركة داخل الجيش تظهر وكأنها عمل داخلي وليس تدخل روسي خارجي مخالف للقانون الدولي، وبعد ذلك يتم تنظيم وتسريع عمل لجنة الدستور وإصدار دستور جديد وقانون انتخابات جديدة لتشكيل بنى وهيئات جديدة للبلد، وليس من الضروري الانتظار حتى آذار 2021″.

ورجح مراقبون أن يكون الشارع السوري على موعد مع حالة انفجار ليست ببعيدة، خاصةً وأن المواطن اليوم في مناطق سيطرة النظام لا يتجاوز راتبه الشهري 20 دولار ومع تدهور الليرة البعض يتقاضى 12 دولار، بالمتوسط الحسابي، ومن المتوقع أن يفتح النظام السوري جبهات عسكرية جديدة لإلهاء الشارع وتخفيف حدة التوتر ضده، خاصةً وأنه يواصل شراء الأسلحة من روسيا وآخرها صفقة “ميغ 29″، في الوقت الذي لا يجد فيه السوريون ثمن رغيف الخبز.

وتعليقا على ذلك قال “عبد النور” إنه “من الممكن أن يفتح بشار جبهات جديدة للهروب إلى الأمام، ولا سيما في إدلب، كما أنه قد يسمح ببعض التظاهرات المطالبة بمحاربة الفساد، أو التي تنادي للمطالبة برؤوس الفاسدين وقد يستجيب النظام ويسجن بعض هؤلاء الفاسدين من أجل تنفيس احتقان الشعب السوري ولكن الشعب كشف أن الفاسد الحقيقي هو النظام وعائلة الأسد التي تحتكر كل شيء”.

مخاوف من تكرار تجربة العراق
ووسط كل تلك التحركات يبقى القول الفصل في ملف القضية السورية هو لأمريكا، والتي ينتظر منها أن تقرر متى يمكن أن يصبح رحيل الأسد وأركان نظامه ضرورة بالنسبة لها.

وفي هذا الجانب قال “عبد النور” إنه “بعد تجربة العراق وتغيير النظام والعواقب الكارثية التي حصلت في عام 2003، أصبح الأمريكان حذرين جداً من استخدام تعبير ” تغيير النظام أو قلب النظام ” بل يتم استخدام تعبير ديبلوماسي ” تغيير كبير في سلوك النظام”.

وفي هذا الصدد، نقل عبد النور على لسان المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري الذي التقى بعدد من الجالية السورية في الولايات المتحدة قوله: “نحن لا نسعى لتغيير النظام وإنما نسعى إلى إجراء تغيير دراماتيكي في سلوك النظام وهذا أقرب وصف دبلوماسي لتغيير النظام”.

قانون قيصر.. سيف صارم
وأضاف أن “الموقف الأمريكي صارم وسيتم تنفيذ قانون قيصر وعقوباته بشكل قوي جدا، مع استمرار الضغط الدبلوماسي مترافقاً مع تقديم المساعدات الإنسانية وطلب من الاتحاد الأوروبي المشاركة في تقديم المساعدات الإنسانية، ولكن الضغط الاقتصادي المترافق مع الضغط الدبلوماسي الكبير، سيؤدي في النهاية إلى تغيير سلوك النظام وجلوسه على طاولة المفاوضات وإجراء التغيير والحل السياسي عبر قرارات مجلس الأمن الدولي 2254، وهذا توجه الإدارة الأمريكية الواضح”.

الأحزاب السياسية.. تستعد
ويبقى السؤال الأبرز وفي حال تم التوصل أخيرا لقرار يقضي بإزاحة “الأسد” عن السلطة هو “ما الذي تنتظره سوريا عقب ذلك؟ وما دور الأحزاب السياسية المعارضة؟ وما مدى استعدادها للانخراط في عملية، قد تقود البلاد إلى استقرار سياسي واقتصادي؟

وللإجابة على ذلك أوضح “بسام قوتلي وهو قيادي في “حزب أحرار” (حزب سياسي يهدف للوصول إلى دولة سورية عصرية موحدة تتبنى الديموقراطية والعلمانية)، في حديثه لـ SY24 أن سوريا بحاجة لفترة انتقالية لمدة سنتين أو ثلاثة الى حين وضع دستور مناسب، بداية من نزع السلاح، وإطلاق المعتقلين، والبدء بإعادة الإعمار، قبل الدخول في عملية انتخابات فعلية”.

وأضاف أن “التسرع في الانتخابات من دون بناء البنية السياسية المناسبة لها، يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية”.

وتابع أن سوريا القادمة يجب أن تكون “دولة الحريات واحترام التنوع، ودولة يستطيع فيها الإنسان السوري المبدع أن يعبر فيها عن رأيه، وأن يتعلم، وأن ينتج، وأن يساهم بتطور سوريا فكرياً وسياسياً واجتماعيا واقتصادياً، أي دولة تساهم في السلام العالمي وفي تطور البشرية بدلاً أن تبقى على هوامشها”.

قانون قيصر.. بدء العد التنازلي
وبدأ العد التنازلي لبدء تطبيق قانون قيصر، حيث سيدخل حيز التنفيذ في 17 حزيران الجاري، بالإعلان عن حزمة عقوبات تستهدف أفراد وكيانات داعمة للنظام السوري بشكل تدريجي، وهو ما وصفته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية بأنه يهدد اقتصاد سوريا الهش، ويوجه ضربة جديدة للنظام، وقد تدفعه للامتثال إلى إصلاحات واحترام حقوق الإنسان، ووقف القتل في سوريا.

3 سيناريوهات لسوريا
أما صحيفة “بوليتكو” الأمريكية قالت إن سوريا أمام 3 سيناريوهات اليوم، أولها أن يلعب الأسد دور الضحية أمام حاضنته الشعبية وبالتالي يتعرض للعزلة الاقتصادية التامة ويعزز مكانة سوريا كدولة منبوذة عالميا، أو انحدار سوريا نحو الأسوأ وانتشار الفوضى والجرائم والمجاعة، وبالتالي سيصبح الوضع مشابها للمشهد الصومالي وستكون أمام أكبر كارثة إنسانية، والسيناريو الثالث هو أن تشهد تغييرا كبيرا في السلطة بداية من رأس الهرم وهو الأسد، وقد يشكل هذا السيناريو تهديدا أكبر له أقوى من التهديد الذي كانت تفرضه المعارضة عندما كانت في ذروتها خلال الأعوام الماضية.