Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

ظاهرة باتت منتشرة بكثرة في الداخل السوري.. من المسؤول عنها؟

خاص - SY24

أمام إحدى العيادات الطبية في مدينة الدانا شمال إدلب، تجمّع مالا يقل عن أربعة أطفال صغار لا يتجاوزون العاشرة من عمرهم ، تبدو ملامح التعب على وجوههم الشاحبة، وشعرهم الأغبر وملابسهم الرثة، يتسابقون أمام المرضى لطلب أي مبلغ مادي بسيط، مع عبارات الدعاء والترجي لاستعطاف المارة، والحصول على طلبهم.

“الله يطعمك صبي.. الله يوفقك ويرزقك..” بهذه الكلمات اعترضت طريقي إحداهن، طالبة مني مبلغ مالي لها ثمن ربطة خبز لعائلتها، فيما توزع الأطفال الباقين على باقي المرضى، منهم من يحمل علبة بسكويت صغيرة، ومنهم من يطلب المال مباشرة، في ظاهرة باتت منتشرة بكثرة في الداخل السوري بشكل عام.

وازداد في السنوات الأخيرة عدد الأطفال الذين يعملون في مهنة التسول، منتشرين في المدن الرئيسية، والأسواق أمام العيادات الطبية، كما يكثر عددهم في الأعياد والمناسبات، حيث تكون الحركة في الأسواق مزدحمة، مستعطفين الأهالي، لتحصيل أكبر قدر من الأموال، وسط ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها أبناء المنطقة.

في حديثي إلى “صفاء” الطفلة التي أوقفتني، أخبرتني أنها يتيمة وتعيش مع جدتها في مخيم متطرف عن المدينة، وهي تجمع الأموال لشراء الخبز والطعام، وهي على هذه الحال منذ عامين.

“صفاء” لم تدخل المدرسة يوماً، وتقضي جلّ يومها في الشوارع، أحياناً تبيع البسكوت وأحيانا تطلب المال دون مقابل، حالها كحال عشرات الأطفال المتسولين في المنطقة.

لا حلول فعلية لظاهرة تسول الأطفال، ولاسيما مع ارتفاع نسب الفقر، وتدني مستوى المعيشة، وما يضطر بعض العائلات إلى إرسال أطفالهم للتسول بحثاً عن لقمة العيش، ناهيك عن عدد الأطفال الأيتام الذين لا يملكون معيلاً ولا يجدون لقمة عيشهم.

إذ زجت عوائل كثيرة بأطفالها في الشارع إما للعمل أو التسول، وذلك بسبب فقد المعيل في الحرب أو الاعتقال أو الهجرة، أو لعجزه عن العمل لإعاقة مستدامة أو عدم الحصول على العمل، حيث تعد الأسباب الاقتصادية وتردي الوضع المعيشي والغلاء وقلة فرص العمل من أبرز أسباب امتهان التسول.

“أحلام الرشيد” ناشطة إنسانية ومسؤولة في لجنة حماية الطفل التطوعية، قالت في حديث سابق لها مع منصة SY24 إن “هذه الظاهرة جريمة بحق الأطفال الذين تنتهك حقوقهم في التعليم الصحة واللعب كباقي الأطفال في العالم، ومعظمهم يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقد لأدنى مقومات الحياة وهذا الأمر يترك أثراً نفسياً سيئاً لدى الطفل كما قد يتعرض لخطر التحرش والاعتداء الجسدي و حوادث السير”.

وأضافت، أن الأطفال في الشوارع هم أكثر عرضة للمشاكل الصحيّة بسبب قضاء معظم أوقاتهم تحت أشعة الشمس في فصل الصيف، أمّا في فصل الشتاء فيُعانون من أمراض الجهاز التنفسي.

كما لخصت” الرشيد” بعض الطرق والسبل العلاجية للحد من الظاهرة، يمكن ذكرها في عدة نقاط: تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الناس، من خلال دعوة المؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية والمنظمات المحلية والفرق التطوعية بالتبرع للفئات العاجزة عن العمل، أو الكسب الحلال، كالأيتام، والأرامل، وكبار السن، والمعاقين، كذلك الأشخاص المتعففين الذين يقعون تحت وطأة الفقر الشديد والعوز، إضافة إلى تطبيق آلية الزكاة على الأشخاص القادرين عليها، فهي تعتبر وسيلة وقاية مجتمعية للحد من الفقر.

والأهم حسب قولها متابعة الأطفال ومعرفة ظروفهم وتأمين فرص عمل لذويهم، أو كفالتهم مادياً من قبل المنظمات الإنسانية لتأمين عودتهم للمدارس، حيث ذكر تقرير لمنظمة اليونيسيف 2019، أن أكثر من مليوني طفل أي أكثر من ثلث الأطفال السوريين هم خارج المدرسة، ويواجه 1.3 مليون طفل خطر التسرب المدرسي.