Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

أسباب ونتائج كارثية لظاهرة زواج القصّر في الشمال السوري!

SY24 -خاص

تصدرت ظاهرة زواج الأطفال أو (زواج القصّر) واجهة الأحداث في الشمال السوري، بعد أن أثار مقطع فيديو متداول لخطوبة طفل لا يتجاوز 11 من  عمره ، حالة جدلٍ كبيرة بين المتابعين والأهالي، ولاسيما أنه ليس الحالة الوحيدة في المنطقة، بل سبقها حالات كثيرة لأطفال سواء ذكور وإناث عقد قرانهم دون سن 18، إذ يكون الشخص مايزال في مرحلة الطفولة، وغير مهيأ جسدياً أو نفسياً لتحمل مسؤولية الزواج وتبعاتها، وبالتالي تترك أثراً سلبياً على صعيد الفرد والمجتمع أيضاً.

لخصت الحقوقية والناشطة في مجال حماية الطفل “أسماء النعسان” الأسباب والدوافع وراء انتشار هذه الظاهرة، وشرحت الآثار السلبية أيضاً، خلال حديثها معنا، مشيرة إلى أنها واجهت حالات كثيرة خلال عملها في هذا المجال، تعاني من تبعات الزواج المبكر مثل الطلاق المبكر، أو زيادة العنف تجاه الزوجة كونها لم تتعدَ مرحلة الطفولة بعد، وغير قادرة على تحمل مسؤولية الزواج والعائلة ومتاعب الحمل الإنجاب.

تقول “أسماء” إن “ظاهرة الزواج المبكر انتشرت في شمال سوريا في الفترة الممتدة 2013 و أواخر 2014، بسبب التصعيد الأمني من قبل النظام، ونزوح الأهالي، قامت العديد من الأسر في سنوات الحرب بتزويج أبنائهم وبناتهم في سن مبكرة، تمشياً مع العادات وتقاليد معينة تحكم البيئة الاجتماعية، لأسباب اقتصادية، مثل تردي الوضع المعيشي للعائلة، أو بسبب وفاة أحد الوالدين الذي يدفع الأسرة إلى التخلص من أعباء باقي الأفراد عن طريق تزويجهم ولاسيما الفتيات.

وفي ذات السياق كشفت تقارير ودراسات عديدة، أن الحرب ساهمت بشكل مباشر بعد زيادة معدلات الفقر، والنزوح، بارتفاع حالات الزواج المبكر في تلك المناطق، ولاسيما بين الأهالي النازحين، بسبب الظروف الصعبة التي عاشوها خلال فترة نزوحهم، كما يعد الحرمان من التعليم أحد أبرز النتائج السلبية لظاهرة الزواج المبكر، وخاصة الفتيات، وبالتالي تصبح “الأم الصغيرة” غير مؤهلة على متابعة تعليم أطفالها في المستقبل.

من بين الأسباب التي أوردتها الحقوقية “أسماء” هو انتشار ثقافة الإنترنت ووجود الأجهزة الإلكترونية بيد الأطفال، جعلت مجالات كثيرة تتفتح أمامهم، منها التواصل، والعلاقات العاطفية، وبالتالي وضع الأهل تحت الأمر الواقع وتلبية رغبات المراهق/ة في الزواج المبكر، دون وعي أو معرفة كاملة بمفاهيم الزواج وتأسيس الأسرة وتحمل المسؤولية.

وهنا شددت على الآثار السلبية لهذا القرار وهي حرمان الطرفين سواء بالذكر أو الأنثى من مرحلة الطفولة والمراهقة، ومحاولة استرجعها في عمر العشرين إما بالتخلي عن مسؤولية الأسرة، أو باللجوء إلى علاقات غير شرعية، وبالتالي تهديد العائلة بالطلاق وتبعاته، بسبب عدم نضج الطرفين وتحمل اختياراتهم في سن مبكرة، فالزواج غير الناضج له آثار كارثية في المستقبل القريب.

أما بالنسبة للفتيات فقد تمثل قضية تزويج القاصرات أحد  الظواهر ذات النتائج الخطيرة عليهن، منها ارتفاع حالات الطلاق بسبب نقص الوعي العقلي والنضج الجسدي لتحمل الفتاة مسؤولية الزواج ومتطلبات الزوج، و تعرضهن لمخاطر الحمل والولادة في سن مبكرة، إذ يعد الزواج المبكر والقسري للفتاة القاصر، عنفاً ممارسة بحق الفتيات، أقرته الأمم المتحدة في بيان مشترك حول أنواع العنف ضد المرأة.

فضلاً عن التهاون في تثبيت الزواج بشكل رسمي في المحكمة، وبالتالي ضياع حقوق الزوجة في حال الطلاق، تخبرنا “أسماء” عن حالات كثيرة موجودة في المحاكم الشرعية بالمنطقة، تواجه مراحل معقدة من تثبيت الزواج أولا ثم تثبيت النسب ثم متابعة إجراءات الطلاق لحصول الزوجة على حقوقها وقد تأخذ فترة زمنية طويلة تمتد إلى أكثر من عام.