Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

يوم مليء بالعمل.. سوريون رهن العمل الإضافي! 

SY24 -خاص

تسابق “هناء” 34 عاماً، الزمن لاستدراك وقتها المقسم بين عملها في الوظيفة الحكومية، وواجباتها في المنزل، ودراستها الجامعية، وعملها الإضافي في ورشة الخياطة، كحال كثيرين من الأهالي في مناطق النظام، لتأمين لقمة العيش ومصاريف العائلة اليومية، تقول: إن “راتبها من الوظيفة الحكومية لا يكفيها ثمن مواصلات وفنجان قهوة، أما باقي المستلزمات الأخرى فهي تعتمد على مدخولها من العمل في الخياطة”.

“هناء” سيدة معيلة لأطفالها الثلاثة، بعد انفصالها عن زوجها منذ سنوات، تقيم في منزل بمنطقة التل بريف دمشق أجرته الشهرية 300 ألف، لذا من المستحيل الاعتماد على عمل واحد حسب قولها، ويبقى هاجس العمل وتأمين المصاريف يشغل بالها خوفاً من بقائها دون عمل، في ظل الظروف المعيشية المتردية والغلاء الكبير.

أجبرت نساء كثر في الداخل السوري على تحمل مسؤولية العائلة وتربية الأطفال إما بسبب الانفصال أو بسبب فقدان المعيل بالحرب أو بسبب هجرة الزوج وانتظار لم الشمل، وبجميع الأحوال أصبح العمل ضرورة لا خياراً لكثير منهن، وخاصة مع وجود أطفال.

لم تكتفِ “هناء” بعملها الإضافي بل سعت لاستغلال يوم عطلتها الوحيد في التسجيل بالجامعة “تعليم مفتوح” أملاً بتحسن وظيفتها، وارتفاع راتبها الشهري، تقول: إن العمل والدراسة الخياطة أيضاً تاكل أيامها، ولا تدع لها وقتاً حتى للعب مع أطفالها، أو أخذ قسطٍ من الراحة، وهذا كله على حساب صحتها وعمرها”.

تدهور الواقع المعيشي وانهيار الليرة السورية، والغلاء الفاحش، وتدني مستوى الدخل والرواتب الشهرية، جعل رب/ة الأسرة يعارك الحياة يومياً، في سبيل تأمين أبسط مقومات العيش ورغيف الخبز.

“محمود” اسم مستعار لموظف حكومي في ريف دمشق، يقول في حديثه إلينا: إن “سقف راتبه الشهري لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 13 دولار، ينفق معظمه في المواصلات ومصاريف يومية بسيطة مثل الدخان والشاي، لذا فهو مجبر على العمل بعد دوامه، ويستغل  فترة المساء في عمله بأحد المحلات بيع المواد الغذائية بمنطقة” برزة” ، بالإضافة إلى اعتماده على مدخول زوجته من عملها في مهنة الحلاقة النسائية لتغطية نفقاتهم اليومية، يخبرنا أنه مع الغلاء المستمر بالكاد يستطيعان تأمين حاجات المنزل والأطفال ومواد التدفئة في الشتاء، وتخلي أي منّا عن عمله يعني كارثة!!

محمود وهناء ومئات آلاف السوريين اليوم، يقضون وقتهم في البحث عن مصدر دخل ثانوي، إما بالعمل الحر أو اللجوء للإنترنت وبرامج الشات، أو بالتسويق الإلكتروني، وغيرها من الأمور التي توفر دخلا بسيطاً، لمجاراة الغلاء التضخم الاقتصادي، فيما يعتمد القسم الأكبر على الحوالات المالية من أقاربهم في الخارج، إذ تحتاج الأسرة شهرياً مبلغ خمسة مليون ليرة سورية للعيش بأبسط المستويات، وتحتاج ضعف ذلك للعيش بنوع من الرفاهية، في حين أن معدل الدخل بوجود أكثر من وظيفة لا يصل إلى مليون واحد حسب قول من تحدثنا إليهم، لاسيما مع الانهيار المستمر لقيمة الليرة السورية.