Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

حلوى تراثية شعبية لا تزال تصنع في إدلب

SY24 -خاص

تشغل “أم أحمد” مدفأتها، ثم تضع عليها وعاءً واسعاً، تغلي داخله زيت الزيتون، ثم تضيف عليه طحين أسمر فهي تقوم بتحميص الطحين بالزيت لتصنع منه حلاوة محمصة فهي حلوى تراثية قديمة، تعلمت طريقة تحضيرها من والدتها قبل 45عاماً.

تعود أصول الحلاوة المحمصة أو ما تسمى بالحلاوة الدبسية إلى محافظة البصرة في العراق، وأطلق عليها سكان بصرة اسم (حلاوة نهر خوز) نسبة إلى اسم القرية التي انطلقت منها صناعة هذه الحلوى، وتعتمد على مكونين رئيسيين هما دبس التمر والطحين.

انتشرت  صناعة هذه الحلوى في البلاد العربية ووصلت لسوريا ومصر والسودان وغيرها، واختلفت تسميتها من دولة لأخرى، فسميت في سوريا باسم الحلاوة المحمصة أو حلاوة الدبسية.

“أم أحمد” 65عاماً، ربة منزل وأم سبعة أولاد، تقيم في جبل الزاوية، اعتادت على تحضير الحلاوة المحمصة لأولادها في أيام الشتاء الباردة، فهي تتميز بطعمها اللذيذ وتشعر بالدفء لاحتوائها على قيمة غذائية عالية.

تخبرنا عن طريقة تحضيرها فتقول: ” أبدأ بغلي الزيت ثم أصنع الطحين الأسمر فيه، واستمر بتقليبه على نار متوسطة حتى يصبح لونه ذهبي، وبالطريقة ذاتها أحمص الفستق السوداني والسمسم، ثم أعجن جميع هذه المكونات بالقطر، أمدها في آنية واسعة وأقطعها، وتؤكل هذه الحلوى باردة”.

تعتبر الحلاوة المحمصة من الحلويات الشتوية، ولها عاداتها الخاصة التي لا تزال “أم أحمد” تحافظ على قسم منها، تروي لنا بعضها فتقول: “هذه الحلوى كانت تقدم في الأعياد والمناسبات، وأيضاً تُجهز للضيوفِ المقربين فقط، وأنا ما زلت أحافظ على بعض هذه العادات فأحضر الحلاوة لأولادي كلما اجتمعوا في بيتي نهاية الأسبوع”.

تغيرت نكهة هذه الحلوى مع تغيير طريقة تحضير مكوناتها فقديماً كانت السيدات تستخدم الأواني الفخارية فيعطيها طعماً مميزاً، أيضاً كانت  تعتمد على المكونات الطبيعية فتقوم بطحن القمح حتى يصبح طحيناً، وتحضر دبس العنب الطازج فهذان المكونين الرئيسيين هما أصل طعم هذه الحلوى المميز.

“أبو عبدالله” 70عاماً، أبٌ لتسعة أولاد، مقيم في جبل الزاوية، يذكر لنا كيف كانت والدته تحضر هذه الحلوى قبل عشرات السنوات، فيقول: ” كانت تحمص السمسم بزيت الزيتون ثم تضيف عليه دقيق القمح، وتضعه على نار مدفأتها الطينية التي بنتها مع والدي من الطين والقش داخل أحد جدران المنزل، وكنت أساعدها في تكسير حبات الجوز واللوز، وبعد أن يصبح لون الطحين بني غامق، تقوم بعجن هذه المكونات مع دبس العنب البلدي التي صنعته بيدها، ثم تمد العجينة في آنية فخارية وتقطعها، ننتظرها حتى تبرد ونأكلها باردة”.

لا تزال هذه الحلوى الشعبية تصنع في أغلب بيوت إدلب، فهي تتميز بسهولة تحضيرها وقيمتها الغذائية العالية الناتجة عن قلة الدهون والمواد الدسمة في مكوناتها، فهي تختلف كلياً عن باقي الأصناف الموجودة في الأسواق.