Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تقليد رمضاني قديم.. المسحراتي في شوارع إدلب

SY24 -خاص

يبدأ المسحراتي “أبو حسين” جولته في شوارع حي الناعورة بمدينة إدلب، قبل أذان الفجر بساعتين، يستمر عمله حوالي الساعة وهو يطرق بأصابعه على طبلته، ينادي بصوته العذب نداءات مألوفة “يا نائم وحد الدائم، يا نائم وحد الله”.

لم تغب مهنة المسحراتي عن أهالي إدلب، رغم التغيرات الاجتماعية الكبيرة خلال السنوات الماضية، ودخول التقنيات الحديثة إلى كل منزل، بل بقيت هذه المهنة تراثًا روحانيًا ينعش الأهالي وقت السحور.

“أبو حسين” رجل في الخمسينات من عمره، وأب لسبعة أولاد، يقيم في مدينة إدلب، ويعمل كمسحراتي في حيه منذ أكثر من ثلاثين عامًا، يحدثنا عن بداية عمله فيقول: “بدأت عملي في أوائل التسعينيات عندما توفي مسحر حيني، فأصبحت هذه المهنة جزءًا مني يرافقني طوال شهر رمضان”.

قديمًا كان للمسحراتي ثلاث جولات، ولا يزال جزء منها حاضرًا حتى يومنا هذا، يحدثنا “أبو حسين” عنها فيقول: “الجولة الأساسية هي جولة السحور، أما الثانية فهي جولة المسحراتي في يوم العيد لأخذ العيديات من أهالي حيه، والثالثة اندثرت مع الزمن وهي جولة على أغنياء الحي لجمع المساعدات للفقراء فيه”.

تطور المجتمع بشكل كبير جدًا، ودخلت التقنيات الحديثة لكل منزل، وهذا ما جعل الكثير من الأهالي يستغنون عن المسحراتي، “هدى” تبلغ من العمر 25 عامًا، وأم لثلاثة أطفال، تقيم في مدينة إدلب، تصحو كل يوم على صوت اتصال مكالمة جماعية لأخوتها السبعة، فقد لجأوا إليها منذ أكثر من خمس سنوات، ليعيشوا طقوس شهر رمضان رغم بعد المسافة بينهم.

تحدثت عن تفاصيل تلك الفكرة، فتقول: “من يستيقظ أولًا يُجري اتصالًا مكالمة جماعية على مجموعة تضمنا جميعًا، ومن يستجيب للمكالمة يُرسل رسالة ليخبر البقية بأنه استيقظ، فهذه الطريقة تضمن سحورنا جميعًا”.

باتت مهنة المسحراتي أمرًا لا يتعلق بإيقاظ الناس المتاح عبر وسائل متعددة اليوم، “عبد الحميد” في الـ 37 من عمره، وأب لخمسة أولاد، يقيم في مدينة إدلب، يقول: إن “المسحراتي أصبح طقسًا من طقوس رمضان التقليدية نشعر بقيمته كلما سمعنا نداءه”.

يعد المسحراتي جزءًا مهمًا من تقاليد رمضان في العالم العربي والإسلامي، وتعود أصوله إلى الحضارة العربية القديمة، وفي وقت كان الناس في أمس الحاجة لمن يوقظهم لتناول سحورهم، ويقيم هذه المهنة حاضرة رغم التطورات الكثيرة التي طرأت على المجتمع، فهي تراث تقليدي يوحي بطقوس رمضانية اعتاد عليها محبوها.