Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

قصص ملهمة لنساء يصنعن التغيير بعد خروجهن من مخيم الهول

خاص – SY24

تُظهر العديد من النساء اللواتي خرجن من مخيم الهول بريف الحسكة قدرة هائلة على الصمود والمثابرة، وذلك بعد العودة إلى مناطق متفرقة شرقي سوريا والاندماج في المجتمع المحلي.

وتمكنت العديد من النساء من إعادة بناء حياتهن وتحقيق النجاح في مجالات مختلفة، يعود الفضل إلى الدور الكبير الذي لعبته منظمات المجتمع المحلي في دعم النساء العائدات من مخيم الهول من خلال توفير خدمات متنوعة لهن، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي، والتدريب على مهارات جديدة، والمساعدة في الحصول على فرص العمل، والدعم القانوني، ورعاية الأطفال.

نساء يصنعن المنظفات

شبكة مراسلي منصة SY24 في المنطقة الشرقية تابعت أوضاع 16 سيدة استفدن من مشاريع قدمتها لهن منظمة “البحث والجودة والتطوير” QRD)) بهدف تحسين ظروفهن المعيشية وتمكينهن اقتصادياً.

“أم محمد” واحدة من النساء اللواتي خرجن من مخيم الهول عام 2019، ومنذ لحظة خروجها وهي تبحث عن فرصة عمل لتأمين لقمة العيش لها ولأولادها، وتوصلت أخيراً إلى منظمة QRD التي ساعدتها على الانخراط في دورة تدريبية مهنية لصناعة المنظفات، واستطاعت في نهاية التدريب أن تتقن هذه المهنة.

وأشارت أم محمد في حديثها إلى أنه بعد انتهاء التدريب أصبح بإمكانها أن تبدأ عملاً خاصاً بها يؤمن لها ولأولادها دخلاً مناسباً يخفف من الأعباء المادية عن كاهلها، حيث تتكفل المنظمة بتقديم المواد الأولية اللازمة للانطلاق بهذا المشروع.

“أم عبيدة” هي الأخرى خرجت من مخيم الهول بكفالة عشائرية واستقرت في ريف الرقة برفقة أطفالها الأربعة. استطاعت التغلب على الصعوبات التي واجهتها بعد الحصول على الدعم المادي والمعنوي من المنظمة التي ساعدتها في افتتاح ورشة صناعة المنظفات.

وأضافت أن هدفها تأمين مصاريف الدراسة لأطفالها من أجل أن يكملوا تعليمهم ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية. ووجّهت “أم عبيدة” رسالة لكل امرأة تعاني من صعوبات وأزمات اقتصادية ومعيشية، أن تعمل وتعتمد على نفسها عوضاً عن مد يدها للآخرين طلباً للمساعدة.

وفي اللقاءات العدة التي أجراها مراسلو SY24 مع المتدربات المستفيدات، أكدن أن مشروع صناعة المنظفات جعلهن يعتمدن على أنفسهن بشكل كبير جداً، وأصبح لديهن القدرة على تصنيع المنتجات وتسويقها وبيعها في المنطقة. كما استفدن خلال هذه التدريبات من كسر حاجز العزلة والانخراط بشكل أكبر في المجتمع المحيط.

في سوق الخياطة والتطريز

“أم عبد الله” أرملة خرجت من مخيم الهول بعد رحلة طويلة وشاقة قضتها في المخيم برفقة أطفالها الثلاثة، قالت إنه في بداية خروجها من المخيم واجهت صعوبات عدة، ولم تكن قادرة على الاندماج في المجتمع الجديد، إلى أن ساعدتها منظمة QRD في تأمين مشروع صغير لها.

وأشارت “أم عبد الله” إلى أنها خضعت لعدة جلسات تدريبية عن الخياطة والتطريز، لافتة إلى أن حياتها انقلبت رأساً على عقب بسبب ما تعلمته في تلك الجلسات، والتي مكّنتها أخيراً من العمل في ورشة خياطة.

وأعربت “أم عبد الله” عن سعادتها بهذا التغيير الإيجابي في حياتها، قائلةً إنه أصبح لديها فرصة عمل تمنحها ولأطفالها حياة كريمة واستقراراً مالياً. والأهم من ذلك، فإنها تشعر بالطموح والإصرار على بناءِ مستقبل أفضل، وتتطلع بشغف للعودة إلى حياتها الطبيعية بكل حماس وإيجابية.

ومن العائدات من مخيم “الهول” اللواتي نجحن في مشاريعهن، “أم عبد الرحمن”، التي منحتها المنظمة فرصة لتكون “ميسّرة” في إحدى الجلسات التدريبية. ولاحقاً حصلت على فرصة عمل في مجال الخياطة، مشيرةً إلى أنها المهنة التي لطالما أرادت أن تعمل بها وتؤسس من خلالها مشروعاً خاصاً.

وحصلت “أم عبد الرحمن” على الدعم المعنوي والمادي، وبفضل هذا الدعم تمكنت من إصلاح ماكينة الخياطة الخاصة بها وافتتاح مشغلٍ يؤمن لها مصدر دخل مقبول تستطيع من خلاله الاعتماد على نفسها. وفي هذه المناسبة وجهت رسالة إلى جميع النساء بضرورة “عدم التوقف عند نقطة معينة في الحياة”.

أما “أم جعفر” وهي أيضاً من السيدات اللواتي خرجن من مخيم الهول، أعادت إحياء مهنة قديمة من التراث السوري وهي “التطريز بالخرز”، بعد أن خضعت لتدريبات مكثفة، وبعد تكريس الخبرة اللازمة افتتحت مشروعاً خاصاً بها في منزلها. وتلقى مهنتها رواجاً لا بأس به على حد قولها، لا سيما وأن مدينة الرقة والمنطقة الشرقية بشكل عام تشتهر بالملابس الشعبية المطرزة، والتي تعتبر جزءاً أساسياً من الزي التقليدي الشعبي في هذه المناطق، حيث تُستخدم في المناسبات الخاصة والاحتفالات الدينية والاجتماعية.

عمل أم جعفر في التطريز والخرز وتقديم الخدمات لجاراتها والمجتمع المحيط ساعدها في الاندماج بشكل أفضل وأسرع. نجحت في التواصل مع نساء المنطقة وتكوين صداقات جديدة، معبرة عن سعادتها الكبيرة بهذا التفاعل الاجتماعي والسعي المستمر نحو تطوير مهاراتها بشكل أكبر.

صناعة المربيات

لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لـ “أم أحمد” التي بدأت مشروعها من منزلها في خطوة نجاح جديدة بصناعة “المربيات”، وهو نتاج مشروع خضعت له بإشراف مُدربين مختصين.

وقالت “أم أحمد” إنها تصنع المربيات في منزلها وتوزعها على المحلات في منطقة شمال شرقي سوريا، لافتة إلى أن المشروع شكّل فرصة وانطلاقة جيدة لها، وسط قلة فرص العمل وسوء الواقع الاقتصادي.

من مخيم الهول إلى مهنة التمريض

“براءة العلي”، البالغة من العمر 28 عاماً، تتحدث عن تجربتها في الاندماج بالمجتمع بعد خروجها من مخيم الهول، قائلةً لـ SY24: إنها حققت جزءاً من طموحاتها وتعلمت مهنة التمريض بعد معاناة من نظرة المجتمع إليها بسبب الحياة التي عاشتها في المخيم، حيث توجهت إلى “لجنة حل النزاع” وعن طريقها شاركت في دورة تدريبية حول التمريض.

وذكرت أنه بعد انتهاء الدورة التدريبية تطوعت في المستشفى الوطني كممرضة، وتسعى دائماً إلى تطوير نفسها أكثر عن طريق الدورات المكثفة لتصبح أكاديمية في مجالها، وتؤمن مستقبلاً لأطفالها. ترى في هذا الاستمرار في التعلم والتطور فرصة لضمان إعادة أطفالها إلى مقاعد الدراسة، وأن يعيشوا حياة كريمة.

أملٌ جديد

تُعدّ قصص نجاح نساء مخيم الهول شمعة أمل تُضيء في ظلام المعاناة، فبفضل عزيمتهن وصبرهن ودعم المجتمع المحلي، تمكنّ من تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق إنجازات مميزة على مختلف الأصعدة.

ويؤكد أبناء المنطقة الشرقية أن دعم هذه الفئة من النساء وتمكينهن من إعادة بناء حياتهن هي مسؤولية جماعية من حكومات ومنظمات ومجتمعات، فكلما ازداد الدعم زادت فرص انتصار الحياة على الظلم والقهر، والبدء بصفحة جديدة تعيد الأمل لهؤلاء النساء ولأطفالهن.