Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

القانون رقم 10 يشرع للنظام الاستيلاء على حي “التضامن”

أحمد زكريا - SY24

موجة من السخط عبر عنها أهالي حي “التضامن” جنوبي دمشق، وحالة من الترقب والقلق بدأت تلقي بظلالها على النازحين والمهجرين من هذا الحي، وذلك عقب تقرير صادر عن لجنة محافظة دمشق المكلفة بدراسة واقع المنطقة.

وجاء في قرار اللجنة الذي صادق عليه محافظ دمشق “بشر الصبان” بحسب وسائل إعلام موالية للنظام: إن 690 منزلاً فقط في الحي صالح للسكن، ويمكن للأهالي العودة إلى هذه المنازل ريثما يتم تنظيم كامل منطقة “التضامن” وفق القانون رقم 10 الذي قد يستغرق بين أربع وخمس سنوات.

وبحسب صفحة “يوميات قذيفة هاون”، فإن قرار اللجنة لاقى تنديداً واستنكاراً شديدين من الأهالي، وظهر جلياً في وسائل التواصل الاجتماعي، على شكل شكاوى نشرت في الصفحات الزرقاء الشخصية، ووجهه العديد منها إلى الصفحات الخاصة بوسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، ودعوا من خلالها إلى الاعتراض بشكل قانوني على القرار، والطعن به أمام القضاء.

وشكا أحد سكان الحي في مجموعة “مهجري حي التضامن” على الفيس بوك بالقول: إنه وبعد الاجتماع باللجنة التي أصدرت التقرير وتم توضيح حجم مأساة أهالي حي التضامن وحاجتهم العودة إلى منازلهم، إلا أننا لم نجد آذان صاغية صافية القلب والضمير، فكان تقرير اللجنة الصادر بتاريخ 26 / 9 / 2018 المتضمن حرمان أكثر من 25000 أسرة وأكثر من 200000 شخص من منازلهم ورميهم على قارعة الطريق، واصفًا التقرير بالمجحف وأنه غير قانوني وغير شرعي.

ونُشر في المجموعة ذاتها من قبل أحد أعضائها أنه: على كافة المهجرين من حي التضامن التوجه إلى محافظة دمشق وتقديم طلبات اعتراض على قرار اللجنة بشكل إفرادي في الطابق الأول مصطحبين ملكية البيت، مبينًا أن القانون ينص أنه: “على كل متضرر من قرار إداري أن يتقدم باعتراض خلال مهلة خمسة أيام بعد تبليغه القرار، وبما أن القرار غير مبلغ يستطيع المتضرر الاعتراض عليه قبل تبليغه وعند السماع به”.

وعمد تقرير اللجنة إلى تقسيم المنطقة إلى ثلاث مناطق (أ-ب-ج) والإجراءات المتخذة حالياً هي بما يخص المنطقة “أ” فقط، أما بالنسبة للمنطقة “ب” والمنطقة “ج” فالإجراءات تجاهها غير واضحة بعد، بحسب مصادر مطلعة وصفحات إعلام موالية للنظام.

وبحسب القانون 10 لعام 2018 -المادة 17 الفقرة /أ/ تكون قرارات اللجنة قابلة للطعن أمام محكمة الاستئناف المدنية في المحافظة وفق المواعيد والأصول المتبعة في استئناف قرارات قاضي الأمور المستعجلة وتفصل محكمة الاستئناف في غرفة المذاكرة بالطعن بقرار مبرم ويبقى للمتضرر الذي لم يكن طرفاً في النزاع أمام اللجنة أن يداعي مسبب الضرر بالتعويض عن الضرر الذي أصابه أمام القضاء العادي، وجاء في الفقرة/ب/ يجري تنفيذ قرارات اللجنة بعد اكتسابها الدرجة القطعية.

ويلزم القانون رقم “10” لعام 2018، بحسب مصادر قانونية، مالكي العقارات بتقديم ما يثبت ملكيتهم لها في غضون شهرٍ واحد، وإلا فإنهم سيخسرون ملكية هذه العقارات وتصادرها الدولة، ويحقّ لها تمليك العقارات لمن تراه مناسباً.

الانتقام من المناطق التي خرجت منها المظاهرات

“أيمن الدسوقي” الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، رأى أن محافظة دمشق بدأت توظف القانون رقم 10 كأداة لشرعنة إعادة تنظيم مناطق العشوائيات والمخالفات، إلا أن تطبيق القانون يأخذ منحى انتقامي ضد المناطق التي انطلقت منها مظاهرات ضد النظام، كما يأخذ منحى انتفاعي مصلحي لصالح مجموعة من رجال الأعمال الكبار والمتنفذين في محافظة دمشق، فعند إخضاع أي منطقة للقانون 10 تبدأ المحافظة وبالاستعانة بأحكام قضائية والشرطة وكذلك الأجهزة الأمنية بإخراج السكان من مساكنهم دون الاهتمام بتأمين سكن بديل لهم أو منحهم تعويضاً كافيا شراء مسكن آخر.

وأعرب “الدسوقي” في حديثه لسوريا 24، عن اعتقاده بأن حي “التضامن” لن يكون حاله بأفضل من باقي المناطق التي جرى تضمينها بالقانون رقم 10 وقال: لا أعتقد أن حي التضامن سيكون استثناء عما سبقه من حالات، فهؤلاء ليسوا كتلة سياسية ولا مجتمعية متماسكة لكي يشكلوا احتجاج ضاغط على النظام والذي هو الآن في موقف قوة، وفي حال ظهور أي شيء من هذا القبيل فسيلجأ النظام للقوة الأمنية لفض أي محاولة احتجاجية، مع إطلاق وعود بحل مشكلتهم عن طريق مؤسسات الدولة وبطريق قانونية دون أي يعني ذلك شيئاً على أرض الواقع.

ولفت الانتباه، إلى العديد من المحاولات التي جرت للاحتجاج والتشكي على قرارات المحافظة إخراج السكان من منطقة تنظيم 66 خلف “الرازي”، وأقيمت دعاوي قضائية، كما لجأ صناعيو “القابون” إلى قنوات متعددة لوقف قرار الحكومة والمحافظة نقل منشآتهم الصناعية وتضمين “القابون” بالقانون رقم 10 ولكن أيضاً دون جدوى.

مشروع تدميري شامل وتحول عمراني أمني في سوريا

من جهته، رأى “طلال مصطفى” الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن نظام الأسد استكمل مشروعه التدميري الشامل لسورية، من خلال القانون رقم 10 لعام 2018، الذي قضى بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، وذلك بمرسوم بناءً على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة، وتعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 ، المتضمن الإعلان عن مخططات تنظيمية جديدة لتلك المدن والأحياء، مطلقًا عليها أسماء جديدة مثل مدينة “باسيليا سيتي” التي تشمل “داريّا، القدم، عسالي، ومخيم اليرموك والتضامن” ومدينة “ماروتا سيتي” التي تشمل مناطق جنوب شرقي المزة:” بساتين الصبار والمنطقة خلف السفارة الإيرانية وخلف مشفى الرازي واللوان في كفرسوسة”، والمستفيد الأول من كلا المشروعين، أي “باسيليا سيتي” و”ماروتا سيتي”، هم الأغنياء ورجال المافيات الموالون للنظام، من داخل سورية وخارجها.

وأشار ” مصطفى” في تصريحات لسوريا 24، إلى أن سوريا الأن أمام “تحول عمراني أمني” بامتياز، مضيفًا أن الأحداث الثورية في سورية منذ 2011، جعلت النظام يفكر في إعادة النظر، في بناء المدن الجديدة، وفي تأثير هذه العمارة سياسيًا وأمنيًا، كما أنه يفتح الباب على مصراعيه بوضوح على فكرة “أمن المدن الحديثة” الذي غالبًا ما يتداخل فيه التخطيط العمراني المادي مع التخطيط العمراني الأمني، ويصنع في مجمله شخصية المدينة السياسية المنضبطة أمنيًا، عبر فضاءاتها العمرانية الحديثة.

تنفيذ القانون رقم 10 بدأ فعليًا

ووافقه بالرأي، الخبير والمستشار القانوني القاضي “خالد شهاب الدين” الذي قال لسوريا 24: إن نظام بشار الأسد بدأ فعليًا بتنفيذ القانون رقم 10 في المناطق التي هجر أهلها بهدف تغيير البنية الديمغرافية والتخلص من كافة معارضي نظام بشار الأسد، مضيفًا أنه تم الحديث سابقًا عن البدء بتنفيذ القانون رقم 10 من خلال عدة مشاريع وشركات تنفذ القانون وفي مقدمتها “شركة دمشق شام القابضة” التي تضم شركات إعمار إيرانية وروسية، ومن تلك المشاريع “ماروتا وباسيليا”.

وأشار “شهاب الدين” إلى أن بعض أهالي حي “التضامن” يحاولون العودة لمنازلهم فيمنعهم نظام بشار بحجة إعادة تنظيم المنطقة كلها، ويبقي على المؤيدين له فقط في الحي، وهذا دليل قاطع على نية نظام بشار في التغيير الديمغرافي، وطرد كل معارضيه من سورية وتشريدهم وغصب عقاراتهم.

وبين الخبير القانوني أن هؤلاء الأهالي في حال راجعوا قضاء بشار الأسد لن يستفيدوا شيئا وسيحتج القضاء اتجاههم بالقانون رقم 10 وسيطبقه عليهم، بحجة أن منطقتهم خاضعة لإعادة التنظيم نتيجة لدمار منازلهم وعقاراتهم، وخاصة أن تقرير لجنة حي التضامن تابع لمحافظة دمشق التابعة لنظام بشار الأسد مع غياب أدنى درجات الحيادية والعدالة.

وكانت مجموعة من “القانونيين السوريين الأحرار” أصدرت مؤخرًا مذكرةً جاء فيها “أن بشار الأسد ومن خلفه إيران، عمدوا لإصدار قانون احتيالي بالتزامن مع تهجير ما تبقى من سكان الغوطة الشرقية ومحيط دمشق، بهدف “غصب” عقارات كل من ثاروا عليه بوسائل غير قانونية نص عليها القانون رقم 10″.

الأمر بعيد ٌعن عملية التنظيم العقاري

من جهته، استبعد الدكتور “فراس شعبو” الباحث في الشأن الاقتصادي السوري، أن يكون ما يجري في حي “التضامن” هو عملية تنظيم عقاري، معتبرًا أن ما يجري هو عملية تغيير ديمغرافي ممنهج و ذريعة لقوننة الفساد الذي يقوم به، لافتًا إلى أن مناطق جنوب دمشق والغوطة الشرقية بريف دمشق، هي مناطق حساسة جدا بالنسبة للإيرانيين بشكل خاص بسبب النزعة الطائفية والتوجه العقائدي، لذلك نجد تمركز كبير للإيرانيين في تلك المناطق، مضيفًا أن عملية الاستيلاء على المنازل وأملاك المدنيين ليست بجديدة بل منذ بداية الثورة السورية، وفي النهاية تم “قوننتها” من خلال القانون رقم 10 الذي يجيز للنظام الاستيلاء على منازل المهجرين أو ما يطلق عليهم “الإرهابيين” وفق مصطلح النظام.

 

تقرير لجنة حي التضامن “مضحك”

ووصف ” شعبو” قرار لجنة حي التضامن بالمضحك، وأن اللجنة التي يضعها النظام هي غير حيادية ومهمتها تنفيذ الأوامر والتعليمات سواء كانت مطابقة للواقع أو غير مطابقة، والحجة أن كثير من المنازل غير صالحة للسكن.

وتساءل “شعبو” لماذا يوجد في مدينة حلب نحو 70% من المنازل غير صالحة للسكن وتم السماح لأهلها بالدخول وترميمها؟ في حين لم يسمح بذلك الأمر في مناطق أخرى؟ معتبرًا أن الأمر يثير العديد من التساؤلات.

ونوّه، إلى أن الميليشيات التي شاركت مع النظام سواء كانت محلية أو أجنبية وبالتالي هي تريد أن تقطف ثمار تلك المشاركة وطبعا النظام لن يتمكن من منعهم لأنه من دونهم سيفقد قوته وجبروته، ولذلك فإن الميليشيات ستتقاسم مستقبلا الأراضي وسيتم بيعها بمزادات غير علنية من تحت الطاولة ، وعندما ستدخل الدول المانحة أو دول اعادة الاعمار فستكون تلك الأراضي هي المستهدفة وسيتم دفع مبالغ طائلة للمالكين الحاليين، بينما المالكين الأصلين ممن هم في الخارج أو في المنفى فلن يحصلوا على شيء بل على العكس من الممكن أن تتم محاسبتهم في حال أرادوا المطالبة بحقوقهم، هذا إن تمكنوا من المطالبة بها أساسًا.

 

قانونٌ خطيرٌ جدًا:

الإعلامي والحقوقي “ماجد الخطيب” وصف القانون رقم “10” بأنه “خطيرٌ جدًا”، كونه ببساطة يشمل جميع المناطق المنظمة وغير المنظمة في كل أنحاء الجمهورية العربية السورية، ومن هنا تكمن خطورته فهو يقضي بإعادة تنظيم المنظم ووضع اليد على مناطق العشوائيات مثل منطقة “مزة جبل” في دمشق ومنطقة “السكري وتل الزرازير” في حلب، مضيفًا أن هذا القانون هو شرعنة واضحة للنظام للاستيلاء على عقارات السوريين ممن خرجوا ضد نظام الأسد، تحت مظلة القانون.

وكان نظام الأسد أصدر في وقت سابق من العام 2012 مرسومًا حمل الرقم “66” والقاضي بتنظيم مناطق المخالفات والسكن العشوائي ضمن العاصمة دمشق في جنوب شرق “المزة” جنوب المحلق الجنوبي بما في ذلك “بساتين الرازي”.

وقال “الخطيب”: إن القانون رقم 10 لعام 2018، يختلف عن المرسوم رقم 66 لعام 2012 من حيث نطاقه الجغرافي فالأخير قضى بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق، هما تنظيم منطقة جنوب شرق المزة والثانية تنظيم جنوبي المتحلق الجنوبي.