Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بعد موقفها من نبع السلام.. إيران تحرك “الجامعة العربية” لإعادة الأسد إلى حضنها

أحمد زكريا - SY24

 

 

منذ أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الـ 9 من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، عن انطلاق عملية “نبع السلام” لطرد ميليشيات سوريا الديمقراطية من شمال شرق سوريا، بدأ صوت “الجامعة العربية” يتعالى مطالبة بوقف العملية العسكرية في تلك المنطقة ومنددة بها.

والبداية كانت من أمين الجامعة العربية “أحمد أبو الغيط”، والذي أعرب عن قلقه وانزعاجه من تلك العملية العسكرية التركية، أعقبها اجتماع طارئ للدول العربية تحت سقف الجامعة لبحث تلك العملية وانعكاساتها، تمخض عن قرار يقضي بمطالبة الدول العربية بعدم التعاون مع تركيا وتخفيض تمثيلها الدبلوماسي معها.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد تعالت أصوات أخرى من جهات عربية وتحت مظلة الجامعة العربية وخاصة لبنان، مطالبة بعودة نظام الأسد لشغل مقعد الجامعة العربية، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة بين شخصيات عربية مختلفة إزاء موقف الجامعة من تركيا ومن دعوتها لعودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية.

ووسط تلك الدعوات يطفو على السطح المخالب والأذرع الإيرانية التي تحرك تلك الدعوات من خلف الكواليس، إذ يرى مراقبون أن الإيرانيين يريدون عودة الأسد لحضن الجامعة العربية، لكنهم لا يريدون عودة الجامعة العربية إلى سوريا، وأنه لو قرر الأسد إعادة العرب لسوريا، فإنهم لن يسمحوا له بذلك.

وتعليقاً على موقف الجامعة العربية التي بدأت تتماهى مع مواقف نظام الأسد، إضافة لرفضها العملية العسكرية التركية، والدعوات لعودة الأسد لحضن الجامعة، في حين أن رأس النظام يتحين تلك الفرص لتحقيق انتصار سياسي ولو بشكل معنوي، قال الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام النقيب “رشيد حوراني”، إن “إيران عملت على تأهيل ميليشيا حزب الله سياسيا في لبنان وفاز الحزب المذكور بسبب البروباغندا الذي اتبعها آنذاك في أول انتخابات برلمانية يشارك فيها في عام 1992 بـ 12 مقعداً، وهو أكبر عدد من المقاعد تفوز به كتلة حزبية منفردة، ثم شارك في انتخابات عام 1996، بتوجيه من إيران بهدف تشكيل قوة ضغط سياسية، إلى أن وصل اليوم إلى مرحلة بات يمسك فيها زمام الحياة السياسية في لبنان”.

وأضاف “حوراني” في حديثه لـ SY24، أن “إيران تسعى لإعادة النظام السوري الى الجامعة العربية بشكل صوري فقط، لأن الهدف منه الدعاية بشرعية النظام، وتسعى مع تركيا لتطبيق اتفاق أضنة لنفس الغاية”.

وتابع “حوراني” قائلاً: إن “إيران لا تريد في المقابل عودة العرب إلى سوريا تخوفا من تحالفات ما تعود بالنفع على العرب وخاصة دول الخليج الذي انكشف ضعفها بعد استهداف الحوثيين للسعودية، واستهداف إيران لناقلة النفط في الإمارات ودون رد حازم من الحليف الأمريكي الداعم والراعي لتلك الدول”.

ورأى “حوراني” أنه مما لا شك فيه هو أن زيارة بوتين مؤخرا للسعودية قد أرقتها بسبب ما سبق وذكرته، لكن الإدارة الأمريكية بمواقفها التي تتجدد ضد إيران وآخرها ما صرح به “براين هوك” المبعوث الأميركي الخاص لإيران: “سوريا لن تعود إلى طبيعتها إلا بمغادرة إيران وميليشياتها” لن تترك إيران تنفذ مشروعها في المنطقة، إلا أن إيران تحاول جاهدة الإمساك بأكبر قدر من الأوراق لتقديمها وعرضها عند الجلوس على طاولة المفاوضات، وهي “تعزيز تواجدها في جنوب سورية – دير الزور ومعبر البوكمال – القاعدة البحرية في طرطوس وغير ذلك”.

ووسط تلك المواقف وحالة التناغم التي بدأت تظهر بين الجامعة العربية ونظام الأسد عقب العملية العسكرية التركية شرقي الفرات، وصف مراقبون ما يجري بأنه “حالة من النفاق تعيشها الآن الجامعة العربية، بحجة حماية السيادة السورية وبالأصل سوريا خارج الجامعة العربية أو تم طردها منها منذ سنوات”.

وبالعودة إلى ما تريده إيران التي تقوم بتحريك الجامعة العربية من خلف الكواليس، رأى الصحفي في صحيفة “الشرق” القطرية “عبد الحميد قطب”، أن “إيران تريد من خلال هذا الإجراء منح الشرعية مرة ثانية لبشار الأسد، باعتبار عودته للجامعة يعطيه شرعية عربية ربما تمهد لشرعية دولية، وهذا ما سعت اليه روسيا أيضا ، من خلال طلبها من البشير زيارة الأسد وإعادة أبوظبي افتتاح سفارتها”.

وتابع “قطب” في حديثه لـ SY24، أنه “كون إيران لديها مشروع فارسي، وعملت عليه في دول عربية منذ سنوات كالعراق مثلا، فإنها لا تريد عودة العرب ولا الجامعة العربية لسوريا حتى لا يتعارض مشروعها مع المشروع العربي”.

وختم “قطب” بالقول: إنه “في تقديري أن الفرصة مهيأة للدول العربية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، من خلال استغلال العملية العسكرية في شمال سوريا تحت شعار نحن أولى بسوريا من تركيا”.

والمثير للدهشة وحسب مراقبين، أن رأس النظام بشار الأسد وماكيناته الإعلامية ينظرون الآن للجامعة العربية نظرة المتعالي والفوقية، خاصة “بعد أن حاول أمينها العام “أبو الغيط” التودد مؤخراً لوفد نظام الأسد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حينما هرع لإلقاء التحية عليهم وتقبيلهم، وهم ينظرون إليه نظرة ازدراء”.

في حين ترى إيران في ذلك فرصة لها للتوسع من بوابة الجامعة العربية والدول العربية التي تتودد لرأس النظام بشار الأسد نكاية بتركيا.

وفي هذا الصدد يرى الباحث في الشأن الإيراني، “أحمد إقبال”، أن “بعض الأطراف عربيا تسعى إلى توثيق العلاقات مع سوريا من أجل مواجهة نفوذ إيران على دمشق، من منطلق أن غياب النفوذ العربي والخليجي في سوريا لمدة أطول سيمكن إيران من دمج نفسها داخل المؤسسات السياسية والاقتصادية السورية”.

وأضاف “إقبال” لـ SY24، “وعلى هذا النحو اتخذت دول عربية منذ ديسمبر  2018 خطوات لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، تزامنا مع تعالي الأصوات الداعية لإعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية، لكن بشكل عام لازالت عودة سوريا لجامعة الدول العربية مرتبطة برؤية الدول العربية لموقف النظام السوري فيما يتعلق بالتسوية السياسية للأزمة السورية من ناحية والعلاقة مع إيران من ناحية أخرى”.

أما على صعيد روسيا وإيران وبعض الأطراف الإقليمية وموقفها من عودة دمشق للجامعة العربية بعد غياب استمر لثماني سنوات، فإن ذلك وحسب ما يراه “إقبال”، فإنه “يمثل أحد ركائز النجاحات الإقليمية ويضفي على النظام السوري شرعية تضررت لسنوات بفعل جرائم ومجازر وانتهاكات فرضها على الشعب السوري الخاسر الأكبر من تلك المعادلات، لكن تلك العودة لن تكون مشروطة باتخاذ مواقف من إيران وإنما عودة إلى ما كانت عليه سوريا قبل الثورة السورية”.

وختم “إقبال” بالقول: إن “عودة نظام الأسد للجامعة العربية لا تتطرق لأي حل سياسي نهائي داخل سوريا، ومن ثم يمكن اعتبارها عودة بشار والنظام السوري للجامعة العربية وليس عودة العرب إلى سوريا، لتصبح سوريا مستقبلا أحد أدوات إيران وروسيا داخل الجامعة العربية وحجر عثرة أمام أي إجماع عربي حول قضايا عربية وقومية مصيرية”.

يذكر أنه منذ العام 2012، جمدت الجامعة العربية عضوية سوريا، وتوصل وزراء الخارجية العرب إلى قرار بسحب السفراء العرب من دمشق وتعليق مشاركة وفود سورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة لها.