Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

اقتلوا المرأة في عيدها

 

في عيد المرأة العالمي، تعالوا نغنِّ للمرأة “المرأة يا حبيبتي”.. على وزن أغنية محمد سلمان ونجاح سلام “سوريا يا حبيبتي”.. نعم، ونغني لها أيضاً: بالفرح، بالعز، بالليالي المضوية، ع الداير.. وننتقل منها إلى أغنية زينوا المرجة والمرجة زينة، والمرجة كانت مكاناً لشنق الرجال، كما تعلمون، وفيها نشاطات أخرى يعرفها الرجال.

لماذا كل هذه الاحتفالات والهيصة؟ لأننا نحن الرجالَ العرب، الأشاوس، في مختلف بلداننا، لا نقبل أن يمر يوم الثامن من آذار/ مارس، عيد المرأة، مرورَ الكرام، بل يجب أن نُبَكّر في الاحتفال به، مثلما فعل المدعو “أبو مروان” الذي قتل زوجته، قبل عيد المرأة بأيام، وأطلّ على الناس في كل أنحاء العالم في فيديو يَظهر فيه وجهُه البشع، وفي يده سكين يقطر منها الدم، متباهياً بجريمته التي تشيب لفظاعتها الولدان.

ولئلا يقول لنا العالم إن بلادكم هي مكان صالح، وتربة خصبة، ملائمة لجرائم الشرف وقتل النساء، فقد نَفَّذَ أبو مروان جريمته في وسط المجتمع الألماني الهادئ حيث سجلاتُ التاريخ عندهم لم تسجل أن ألمانياً واحداً قتل أمَّه أو أختَه أو زوجتَه أو ابنتَه تحت ذريعة (الشرف)، وربما كان هؤلاء الألمان الشقران يصنفون هذه الفعلة في خانة (قلة الشرف)، وهي قلة شرف مضاعفة بالطبع، لأن القتيلة ليست امرأته، بل هي طليقته.. ولو أنها فعلت أي شيء يخطر ببالها فهي حرة، باعتبارها مطلقة.

ولئلا يقول لنا العالم إن بلادكم هي مكان صالح، وتربة خصبة، ملائمة لجرائم الشرف وقتل النساء، فقد نَفَّذَ أبو مروان جريمته في وسط المجتمع الألماني الهادئ حيث سجلاتُ التاريخ عندهم لم تسجل أن ألمانياً واحداً قتل أمَّه أو أختَه أو زوجتَه أو ابنتَه تحت ذريعة (الشرف)، وربما كان هؤلاء الألمان الشقران يصنفون هذه الفعلة في خانة (قلة الشرف)، وهي قلة شرف مضاعفة بالطبع، لأن القتيلة ليست امرأته، بل هي طليقته.. ولو أنها فعلت أي شيء يخطر ببالها فهي حرة، باعتبارها مطلقة.

 

بعد حادثة القتل مباشرة انقسم عربُ الفيسبوك والسوشيال ميديا إلى عدة فرق متبارية، بل متناحرة.
الفريق الأول بدأ يتفلسف، ويتلمع، ويسعى إلى تسييس الموضوع، ليُظهر أبا مروان على حق، فهو برأيهم، ضحية لنظام الأسد المجرم الذي شرده في بلاد بره، ومن ثم أراد هذا الفريق أن (يلزق) الجريمة برقبة بشار الأسد، والأسد جسمُه (لَبِّيس) في مجال القتل، ما شاء الله عليه وعلى الذين خلفوه، يكاد أن يفني الشعب السوري رجالاً ونساء وأطفالاً من شدة ولعه بالقتل، وبالتالي فإن (شقفة) جريمة قتل امرأة مسكينة لن تظهر في سجلاته، باعتبارها غير محرزة.

الفريق الثاني أراد أن يدين القتيلة، حتى بعد أن قُتلت، ولأنه لا يعرف شيئاً عن سجلها الأخلاقي، فقد لجأ إلى التخمين، وإلقاء التهم جزافاً، فقال إن معظم النساء اللواتي لجأن إلى أوروبا (فلتانات)! وهذه المرأة لا بد أنها فلتانة، كتحصيل حاصل يعني، وحينما شك زوجها السابق بأنها قد تكون فلتانة، دبت النخوة العروبية في رأسه، ورأسه كما تعلمون جزمة قديمة، فقتلها.

يعني أن هذا الفريق من المحللين لم يكتف بإدانة المرأة القتيلة التي لا يعرف عنها شيء، بل وَسَّعَ قاعدة بياناته ليُدين نساءنا كلهن، وربما كان يُضمر رأياً، أو فتوى، بأن كل نسائنا يحتجن للقتل، لأنهن، ربما كُنَّ فلتانات.

الفريق الثالث راح يتحدث بشكل معقد عن ظروف معقدة ربما مر بها الرجل (يقصد المجرم) جعلته يخرج عن طوره ويقتل مطلقته..

بالطبع فإن أياً من فرق المحللين الفيسبوكيين الفهمانين لم يُصغ إلى رأي الفريق الرابع، وهو فريق صغير ومنبوذ على نطاق الأمة العربية كلها، وهو أن هناك مَنْ يحلل قتل النساء، وهو، أي هذا الرجل، قد يكون داشراً، وفلتاناً، فهل يرى أن من حق زوجته أو أي شخص آخر أن يقتله؟!

ذكرتني هذه الجريمة وهذه المسوغات السخيفة التي قدمت لتأييدها، بحكاية مجرم آخر قَتَلَ رجلاً في الأشهر الأولى لتسلح الثورة، في إحدى المناطق المحررة. وكان في البلدة محكمة محلية، استدعته للتحقيق، فلما مثل أمامهم سألوه عن سبب إقدامه على قتل الرجل فلم يرد. كرروا عليه السؤال مرات وهو لا يرد. إلى أن قال، أخيراً: اخْتَيَلْت منه. (أي: عَصَّبْت منه).

ووقتها تنفس القاضي الصعداء، وقال له بحنان:
– يا ابني، قل من الأول إنك (اختيلت) منه. خلص يا ابني. رح. براءة.
والتفت إلى السادة المحلفين وقال لهم: تبين أنه (مخيول) منه. فقتله. عادي!