Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

عائدون إلى الباغوز.. قصص مأساوية وخدمات غائبة!

خاص - SY24

بدأ العديد من سكان بلدة الباغوز آخر معاقل تنظيم “داعش” بالعودة إلى منازلهم، بعد أن أمضوا سنوات في مخيم “الهول” الذي يستضيف آلاف الأشخاص من الذين عاشوا في تحت كنف التنظيم سابقا.

وبعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على هزيمة التنظيم عسكريا، مازال الكثير من عوائل “مخيم الهول” يواجهون مصاعب اقتصادية واجتماعية كبيرة. 

وفي تشرين الأول 2020، قرر المجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية” إفراغ مخيم “الهول” من العائلات السورية الراغبة بالخروج ضمن مبادرة شيوخ العشائر.

وفي هذا الصدد، يقول الباحث الاجتماعي “مناف الحسو”: إن “عدد العائلات الخارجة من المخيم منذ تاريخ المبادرة متضمنة الرحلة الأخيرة خلال شهر نوفمبر الماضي، بلغ 1226 عائلة بمجموع 4549 شخصاً”.

وأوضح “الحسو” في حديث خاص لمنصة SY24، أن “غالبية العوائل الخارجة اتخذت من ريف دير الزور الشرقي موطناً جديداً لها رغم انحدارهم من مناطق آخرى، ويرجع السبب في ذلك إلى الخشية من نظرة المجتمع لهم، إضافةً إلى تخوفهم من حالات الثأر والعنف المتخذة ضدهم من بعض الأهالي في مناطقهم”.

“أم فاطمة” من بين الذين عادوا مؤخرًا إلى بلدة “الباغوز” بعد أن وافقت قوات “قسد” على إطلاق سراحها من مخيم “الهول” ضمن مبادرة العشائر. 

 

وذكرت “أم فاطمة” لمنصة SY24،: “تعود أصولنا لبلدة صرين، لكنني تنقلت وعائلتي كثيراً بعد إنتماء زوجي لتنظيم (داعش) سابقاً، كما أنني فقدت ثلاثة من أطفالي خلال المعارك في بلدة الباغوز، واختفى زوجي منذ ذلك الحين”.

وزادت قائلة: “الطريق طويلة إلى صرين ورحلة السفر محفوفة بالمتاعب ناهيك عن الهجمات المتكررة لفلول (داعش) على العوائل الخارجة من المخيم، تكاليف السفر العالية اضطرتني للاستقرار هنا، وبينما رحب السكان المحليون بعودتي إلى البلدة، لكنني أجد بأن الحياة بعد النزوح كانت صعبة بالمثل”.

ولفتت إلى أن مصدر دعمها المالي الوحيد كان أحد أقربائها من الذكور، وأن هذا الدعم لن يدوم إلى الأبد، مضيفةً بالقول: “إذا استمر وضعي على هذا النحو، فلن يكون لدي خيار سوى مغادرة البلد بأكمله، لكن إذا كانت هناك مساعدة فأنا بالطبع أفضل البقاء في سوريا رغم اختلاف التضاريس”.

وفي ظروف مشابهة لسابقتها تقول “أم محمود ”: إن “حياة التشرد مؤلمة، ومخيم (الهول) يأكل من أعمار الناس، فهو أشبه بالمعتقل في النهاية، وإن بقينا فيه عاماً أو عامين، ففي النهاية علينا العودة لنبني بلدتنا، وهذا سيحدث عاجلاً أو آجلاً”. 

وأكدت “أم محمود” على أن “نسبة الدمار التي خلفتها الحرب منعت الكثير من الأهالي العودة إلى منازلهم، كما أن قلة الخدمات وانعدام النقاط الطبية والدعم الإغاثي في المنطقة حال دون ذلك”. 

وتابعت حديثها: “اضطر الكثير منا أثناء ترحيله من المخيم بالتوجه والاستقرار في مخيمات آخرى في المنطقة، بسبب الفقر وتدني الوضع المعيشي، كما أن معظمنا فقدوا منازلهم وليس لدينا القدرة على ترميمها لتصبح صالحة للسكن من جديد، وهناك غياب واضح لدعم قوات قسد للمنطقة، إضافة لانعدام وجود المنظمات الدولية وهذا ما يقلل من فرصة إعادة اندماجنا في المجتمع من جديد”.  

ورغم مضي عدة أعوام على دحر التنظيم من آخر معاقله، لكنّ الأهالي مازالوا يعودون إلى بلدة “الباغوز” ونواحيها على مسؤوليتهم الشخصية، دون أي اهتمام خدمي يذكر من قبل الجهات الخدمية المسؤولة عن المنطقة.

وفي هذا الجانب يقول“إبراهيم الخلف” أحد السكان العائدين أيضاً، إنه “بعد 3 سنوات مازلنا نعاني من قلة في الدعم المقدم لإعادة إعمار ما تهدم بصواريخ طائرات (التحالف)، بعد أن أُدخلت البلدة وأهلها بمعركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل”. 

وأكد أن أهالي الباغوز مازالوا يعانون من نقص الخدمات في المنطقة، رغم أنها واقعة على الضفة الشرقية للنهر “إلا إننا نعاني من إنقطاع دائم لمياه الشرب، إضافة لقلة عدد الأفران المؤهلة وهذا يسبب أزمة يومية للأهالي في تأمين الخبز ناهيك، عن سوء الطرقات وانتشار أنقاض المباني ومخلفات الحرب، يضاف إلى ذلك وجود الألغام وتردي الواقع الصحي، إذ لا يوجد في الباغوز سوى مستوصف صغير لتخديم البلدة”. 

 

وأشار “إبراهيم” إلى أن المقابر الجماعية التي مازالت منتشرة في المنطقة سببت انتشار أمراض جلدية بين السكان العائدين، “ورغم أنها منطقة منكوبه إلا إننا لا نرى إلا القليل من نشاطات المنظمات الإغاثية فيها ولا دعم يوجه للأهالي”. 

وتعقيباً على ذلك يقول“ سالم المحمد” أحد أعضاء المجلس المدني في بلدة الباغوز: إنه “منذ أكثر من عام بدأنا نستقبل باستمرار أشخاصًا من مخيم الهول ونحاول أن نقدم لهم المساعدة الأساسية، لكن تبقى مواردنا محدودة، الناس هنا وخاصة هذا العام أداؤهم الاقتصادي سيئ حقًا فلم يعد أحد قادر على مساعدة غيره كما في السابق”.

وأشار إلى أنه لا توجد أي منظمات نشطة تدعم أولئك الذين يختارون العودة، والذين يعملون هنا ليس لديهم سوى القليل من الدعم لتقديمه، مؤكداً على أهمية التدخل السريع للمنظمات الدولية لتشجيع العائدين على البقاء.

وتتواصل مبادرات شيوخ العشائر العربية لإخراج النساء وأطفالهن من مخيم “الهول” بريف الحسكة، وتؤكد مصادر محلية نقلا عن إدارة المخيم، أن نحو 22 ألف شخص من حملة الجنسية السورية داخله.

يشار إلى أن مخيم الهول للنازحين، يقع في محافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، ويضم حوالي 55 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال.